96/12/16
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: الجواب عمّا قد يتوهّم بالنسبة إلى حكم الشبهة الوجوبيّة
واُجيب عنه: بأنّ التحقيق يقتضي عدم الرجوع إلى الاستصحاب هنا لاستلزام جريانه إمّا إحراز ما هو المحرز بالوجدان بالتعبّد، أو البناء على اعتبار الأصل المثبت، وكلاهما ممنوعان، لأنـّه :
إنْ قصد بذلك جريان الاستصحاب بعد الإتيان بأحد فردي الترديد، أي بعد الإتيان بصلاة الظهر، فهو حينئذٍ شاكٌ في وجوب الإتيان بالجمعة أو عكس ذلك أي استصحاب الفرد المردّد من الوجوب، فلازم الحكم بالبقاء بصورة الترديد هو الحكم بوجوب الإتيان بكلتا الصلاتين؛ أي بإتيان ما أتى به أوّلاً مرّة اُخرى، وهو لا يجتمع مع القطع بارتفاع الوجوب، فما أتي به لو كان واجباً فيكون الشكّ فيه شكّاً في حدوث الباقي، لا شكّاً في بقاء ما حدث، فكيف يمكن الجمع بين ما هو مقطوع الارتفاع، وما هو مقطوع البقاء على تقديرٍ، والحكم بالبقاء على كلّ تقديرٍ، وهو واضح.
وإن كان قصده من الاستصحاب، استصحاب الكلّي والقدر الجامع :
فإن أراد منه ترتيب الأثر المشترك للكلّي ، فهو ممّا لا مانع فيه ، لكنّه غير مقصود هنا.
وإن أراد ترتيب الأثر للفرد الآخر، والحكم بوجوب إتيانه بواسطة استصحاب الكلّي، فهو عبارة عن الأصل المثبت، ولا يكون معتبراً قطعاً.
ودعوى خفاء الواسطة ممّا لا مجال لسماعها، مضافاً إلى أنـّه يعتبر في الاستصحاب أن يكون الأثر مترتّباً على بقاء المستصحب لا على حدوثه، ولا على الأعمّ من الحدوث والبناء على فرض الإمكان، وهنا الحدوث محرزٌ بالوجدان، ويلزمه ترتّب الأثر عليه، فلو اُريد إحراز الاستصحاب والتعبّد، يوجب الإشكال الذي قد عرفت بإحراز ما هو المحرز بالوجدان بالتعبّد، وهو من أردء أنحاء تحصيل الحاصل، وهو غير جائز، إذ القطع بالاشتغال يوجب القطع بالفراغ من دون حاجة إلى الاستصحاب، ولذا اشتهر بين الاُصوليّين في المقام قيام قاعدة الاشتغال بإتيان كلا الفردين دون الاستصحاب لوجود تلك المحاذير فيه دونها، والله العالم.