96/12/13
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: البحث عن صور الشكّ في حكم الملاقاة
ولكن قد تقدّم في بحث البراءة عند شرح الحديث المبارك أنـّه يعتبر في الرفع مضافاً إلى ذلك أن يكون المرفوع من المجعولات الشرعيّة التي يمكن أن تنالها يد الوضع والرفع التشريعي ولو تبعاً، وخصوصيّة لزوم إحراز الشرط ليست بنفسها من المجعولات الشرعيّة، ولا من لوازم المجعول الشرعي، بل هي من الآثار المترتّبة على الشكّ، فما هو المجعول الشرعي ومثل هذه الخصوصيّة لا يعمّهما حديث الرفع ولا تجري فيها البراءة.
إذا عرفت ذلك فنقول في المقام: إنّ الوجهين اللّذين ذكرناهما في نجاسة الملاقى يشتركان فيالأثر،لأنـّه يجب الاجتناب عن ملاقى النجس على كلّ تقدير، سواءً قلنا بالبراءة أو لم نقل ، وليس هناك أثرٌ يختصّ به أحد الوجهين في عالم الجعل والثبوت.
نعم، يفترقان في حال الشكّ، ويظهر لأحد الوجهين أثرٌ زائد عنده، فإنّه بناءً على السراية يجب الاجتناب عن الملاقى لأحد طرفي المعلوم بالإجمال، ولا تجري فيه أصالة الطهارة، مع أنـّه يشكّ في ملاقاته للنجس على ما تقدّم بيانه، وبناءً على الوجه الآخر لا يجب الاجتناب عنه، وتجري فيه أصالة الطهارة، فيكون الشكّ في أحد الوجهين لنجاسة الملاقي كالشكّ في شرطيّة أحد الشيئين ومانعيّة الآخر في الضدّيناللّذين لا ثالث لهما،منحيث عدماقتضاء أحد الجعلين أثراً زائداً عمّا يقتضيه الجعل الآخر، واقتضاء الشكّ فيما هو المجعول أثراً زائداً.
فإن قلنا في دوران الأمر بين شرطيّة أحد الشيئين ومانعيّة الآخر بجريان البراءة عن الأثر الذي اقتضاهالشكّ، قلنا به في المقام أيضاً،وتجريأصالة الطهارة في الملاقي لواجد الطرفين، وإن قلنا بعدم جريان البراءة في ذلك المقام،فاللاّزم الاجتناب عن الملاقى لأحد الطرفين، ولا تجري فيه أصالة الطهارة، لأنـّه طرف للعلم الإجمالي وجداناً، وإنّما أخرجناه عن ذلك بمعونة السببيّة والمسبّبيّة بالبيان المتقدّم، والسببيّة والمسببيّة كانت مبنيّة على أن لا تكون نجاسة الملاقى بالسراية، فلو احتمل كونها بالسراية ـ كما هو المفروض ـ تبقى طرفيّته للعلم الإجمالي على حالها كالملاقى بالفتح، ولا تجري فيه أصالة الطهارة لمعارضتها بأصالة الطهارة الجارية في الطرف الآخر، فتأمّل فإنّه لا يخلو عن دقّة)، انتهى كلامه بطوله[1] .