96/12/07
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: مناقشة رأي المحقّق الخراساني
والمقام من هذا القبيل، لأنّ الملاقى بالفتح وإن كان خارجاً عن الابتلاء، إلاّ أنّ العلم الإجمالي بنجاسته أو نجاسة الطرف الآخر يمنع عن الرجوع إلى الأصل في كلّ منهما، فيجب الاجتناب عنهما. وأمّا الملاقي بالكسر فحكمه من حيث جريان الأصل فيه وعدمه هو ما عرفت من صحّة جريان الأصل في المسائل الثلاث حيث كان الملاقى بالفتح له أثرٌ فعليّ بالنسبة إلى الملاقي بالكسر، فيكون العلم الإجمالي في حقّه منجّزاً حتّى بعد الخروج عن مورد الابتلاء، فيتساقط فيه الأصلان، ويحكم بوجوب الاجتناب عن الملاقى والطرف الآخر، فالعلم الإجمالي في حقّه منجّز، فيكون الأصل الجاري في الملاقي بلا معارض ويحكم بطهارته سواء، رجع الملاقى إلى الابتلاء أم لم يرجع.
وأمّا الإشكال من حيث المبنى: هو أنـّا قد حقّقنا في ما سبق وقلنا بأنّ الخطابات الكلّية والقانونيّة لا تلاحظ فيها حال المكلّفين إلاّ على نحو العموم، فالحكم منجّزٌ للجميع، ولكن يكون العاجز والجاهل وما هو خارج عن تحت القدرة معذورين في تركه، برغم أنّ الحكم فيه فعليّاً، فلازم ذلك هو فعليّة حكم العلم الإجمالي حتّى لما هو خارجٌ عن الابتلاء، فيعود ما عرفت من التعارض بين الاُصول والتساقط والرجوع في الملاقي بالكسر إلى أصالة الطهارة، كما لا يخفى.
ولا فرق فيما ذكرنا من جريان أصالة الطهارة في الملاقي بالكسر بين ما لو جعل العلمالإجمالي علّة تامّهللتنجّز، أو اقتضاء لذلك،لأنّ المفروض وجودالتأثير في العلم الإجمالي المتعلّق بالملاقى والطرف بقاءً، بالنظر إلى الملاقي بالكسر.
وعليه، فالتفصيل الوارد في كلام المحقّق العراقي رحمهالله من عدم وجوب الاجتناب عن الملاقي على الاقتضاء ووجوبه على العليّة ليس كما ينبغي.
وأيضاً: لا فرق فيما ذكرنا من عدم وجوب الاجتناب عن الملاقي، من أن يكون الأصل الجاري فيه من الاُصول التنزيليّة كالاستصحاب، أو من غيرها كأصالة الحلّية ، خلافاً للمحقّق العراقي حيث فصّل في عدم وجوب الاجتناب عن الملاقي:
بين ما إذا كان الأصل الجاري في الملاقى بالفتح من الاُصول التنزيليّة، إذا فقد الملاقى وخرج عن مورد الابتلاء.
وبين ما لو كان الأصل الجاري في الملاقى بالفتح من الاُصول غير التنزيليّة كأصالة الحلّية، حيث إنّ أصالة الحلّية الظاهريّة لا تجري في التالف والمفقود، فيكون الأصل الجاري في الملاقي بالكسر معارضاً مع الأصل الثابت للطرف الآخر فيتساقطان ويصبح العلم الإجمالي في حقّهما منجزاً.
وجه عدم الفرق: هو ما عرفت من وجود الأثر للملاقى بقاءً، وهو يكفي في تعلّق العلم الإجمالي بالملاقي ووقوع التعارض من أصله وأصل الطرف، وبقاء أصل الملاقي بلا معارض، مضافاً إلى ما عرفت من عدم تأثير الخروج عن مورد الابتلاء في فعليّة الأحكام عندنا.