درس خارج اصول استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

96/12/06

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: حكم الملاقي بعد العلم الإجمالي بالنجاسة

 

توهّم إشكال: وهو أنّ الالتزام المذكور يقتضي رجحان لزوم الفرع على الأصل؛ لأنّ نجاسة الثوب إنّما تكون ناشئة عن الإناء الكبير إن كانت فيه فهي مسبّب عنه، فكيف يصحّ الحكم بالنجاسة في الملاقي المسبّب عن ماء الإناء مع الحكم بطهارة ماء الإناء الكبير بمقتضى أصالة الطهارة، وهل هي إلاّ رجحان الفرع على الأصل، وممنوعيّته ثابتة وهو غير مقبول عند العقلاء.

يندفع: بأنـّه فرق بين الحكم بوجوب الاجتناب عن الثوب خوفاً من نجاسته بمقتضى العلم الإجمالي، وبين الحكم بنجاسته من دون أن نحكم بمقتضى العلم أنـّه نجس، بل نحكم أنـّه يجب الاجتناب عنه لاحتمال نجاسته، وقد عرفت أنّ العقلاء يحتجّون بوجود مثل هذا العلم، فلا محيص من الحكم بالاجتناب ولو لم يكن نجساً، ويشهد لذلك أنـّه لو أصابت يده الرطبة هذا الثوب لا يمكن الحكم بنجاسة اليد، لعدم إحراز نجاسة الثوب حتّى يوجب نجاسته.

نعم ، لا يصحّ الإتيان بالصلاة مع هذا الثوب ، لعدم إمكان إحراز شرط صحّتها وهو الطهارة ولو تعبّداً ، وهذا هو الفارق بين الحكم بالنجاسة أو الحكم بوجوب الاجتناب.

الصورة الثانية: ما إذا علم بالملاقاة، ثمّ علم إجمالاً بنجاسة الملاقى بالفتح أو الطرف الآخر، ولكن كان الملاقى بالفتح حين حدوث العلم خارجاً عن محلّ الابتلاء، فإنّه حيث تكون الملاقاة موجبة لوقوع الملاقي بالكسر متعلّقاً للعلم الإجمالي كما كان الملاقى بالفتح كذلك، فحينئذٍ يوجب وقوع المعارضة في الأصل بين الملاقي بالكسر والطرف الآخر ويسقطان، فيجب الاجتناب عنهما، وأمّا الملاقى بالفتح فلا يقع مجرىً للأصل بنفسه، لخروجه عن مورد الابتلاء، ممّا يقتضي أن لا يترتّب عليه أثرٌ فعليّ، ومن المعلوم أنـّه يعتبر في جريان الأصل ترتّب أثر فعلي عملي، فإذا دخل الملاقى بالفتح بعد ذلك في محلّ الابتلاء، لم يكن مانع من الرجوع إلى الأصل فيه لعدم ابتلائه بالمعارض، لسقوط الأصل في الطرف الآخر قبل رجوعه إلى محلّ الابتلاء، فيكون الشكّ فيه شكّاً في حدوث تكليفٍ جديد يكون المرجع فيه هو الأصل.

هذا هو مقتضى كلام المحقّق الخراساني رحمه‌الله ومن تبع مسلكه من القوم في الخروج عن مورد الابتلاء في أطراف العلم الإجمالي .

 

الموضوع: مناقشة رأي المحقّق الخراساني

 

أقول: ولكن يرد على كلامه من جهتين:

أحدهما: مبنائي، والآخر بنائي.

فأمّا البنائي: هو أنّ الخروج عن مورد الابتلاء لو سلّمنا كونه موجباً لرفع التنجّز عن العلم الإجمالي كما عليه القوم، لكن في ما نحن فيه ليس الأمر كذلك لوجود الأثر هنا حتّى بعد الخروج، لأنـّه يترتّب على جريان أصالة الطهارة فيه أثرٌ فعليّ، وهو الحكم بطهارة ملاقيه، فمجرّد الخروج عن مورد الابتلاء وعن تحت القدرة غير مانعٍ عن جريان الأصل فيه، مثلاً:

إذا غسل‌ثوباً متنجّساً بماء مع‌القطع بطهارته، أو مع الغفلة عن طهارته ونجاسته، ثمّ انعدم ذلك الماء أو خرج عن مورد الابتلاء، ثمّ شكّ في طهارته، فلا مانع من جريان أصالة الطهارة فيه، ليترتّب عليه الحكم بطهارة الثوب المغسول به .

وكذلك لو كان ماء نجساً قطعاً فلاقاه الثوب حين الغفلة عن نجاسته، ثمّ انعدم ذلك الماء، أو خرج عن الابتلاء، فشككنا في طهارته قبل ملاقاة الثوب لاحتمال وصول المطر إليه، أو اتّصاله بالجاري أو الكرّ، فإنّه لا مانع من جريان استصحاب النجاسة فيه، لترتّب الحكم بنجاسة الثوب الذي لاقاه، مع أنّ المستصحب خارجٌ عن محلّ الابتلاء أو معدوم.