96/12/05
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: حكم الملاقي بعد العلم الإجمالي بالنجاسة
وأخيراً نقول: إذا توضّح الحكم في المسائل الثلاث، بقي أن نشير إلى صورتين في المقام تصدّى لنقلهما المحقّق الخراساني قدسسرهفي «الكفاية»:
الصورة الاُولى: ما لو تعلّق العلم الإجمالي أوّلاً بنجاسة الملاقي بالكسر أو الطرف الآخر، ثمّ حَدث العلم بالملاقاة، والعلم بأنّ نجاسة الملاقى بالفتح والطرف المقابل كان قبل الملاقاة، ومع العلم بأنّ نجاسة الملاقي بالكسر على تقدير تحقّقها كانت ناشئة من ناحية الملاقاة مع الملاقى بالفتح، ومثّل لها رحمهالله بما لو علم يوم الخميس إجمالاً بنجاسة الثوب أو الإناء الصغير، ثمّ علم يوم الجمعة بملاقاة الثوب للإناء الكبير الذي كان العلم بنجاسته ونجاسة الإناء الصغير قبل نجاسة الثوب بالملاقاة إن كان واقعاً في يوم الأربعاء.
أمّا المحقّق الخراساني: فقد حكم هنا بوجوب الاجتناب عن الملاقي بالكسر والإناء الصغير الذي كان هو الطرف المقابل، دون الإناء الكبير الذي قد سُمّي بالملاقى، لأنّ العلم الإجمالي قد تنجّز في حقّ الملاقى والطرف،والعلم الإجمالي الثاني بين الإناء الكبير والظرف وإن كان معلوم سابقاً زماناً، إلاّ أنـّه لا يكون منجّزاً في حقّ الطرف وهو الإناء الصغير، فلا أثر له، فيكون الأصلان في الثوب والإناء الصغير متعارضين ومتساقطين، ويحكم بالطهارة في حقّ ماء الإناء الكبير وهو الملاقى بمقتضى الأصل وهو أصالة الطهارة الجارية فيه بلا معارض، هذا هو الوجه لمختار المحقّق المزبور.
أمّا المحقّق الخوئي: فقد ذهب في الدورة السابقة إلى خلاف ذلك، بناءً منه على أنّ العلم الإجمالي الثاني الحاصل بين الإناء الكبير والصغير يوجب انحلال العلم الإجمالي بين الصغير مع الثوب، فالاعتبار إنّما هو بذلك العلم الإجمالي، ممّا يوجب تنجّزه، فيصير الثوب داخلاً تحت العلم الإجمالي، فيجب الاجتناب عنه كما يجب الاجتناب عن الإناء الكبير والصغير.
هذا، ولكنّه تراجع عن هذا وعدل عنه إلى ما اختاره المحقّق الخراساني في أنـّه يجب الاجتناب عن الثوب الملاقي والطرف وهو الإناء الصغير دون الإناء الكبير، لأنّ التنجّز يعدّ من آثار العلم بالنجاسة، وهو حاصلٌ بعد العلم الإجمالي بين الملاقي بالكسر والطرف، لا من آثار النجاسة بوجودها الواقعي، حتّى يقال إنّه كان حاصلاً قبل يوم الخميس وهو يوم الأربعاء، فبعد بلوغ زمان تنجّز العلم الإجمالي الثاني لم يبق له موردٌ في الطرف المقابل وهو الإناء الصغير ليتنجّز وجوب الاجتناب في حقّه بالعلم الإجمالي، وتحصيل الحاصل محال.