96/11/28
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: حكم الملاقي بعد العلم الإجمالي بالنجاسة
وثانياً: بما قلنا من الأولويّة الجارية هنا أيضاً، لأنّا إذا حكمنا في المسألة الاُولى ـ حيث كانت الملاقاة والعلم بها بعد العلم الإجمالي بعدم وجوب الاجتناب عن الملاقي بواسطة اختلاف المرتبة ـ ففي هذه المسألة يكون ثبوت الحكم بطريق أولى، لكون العلم الإجمالي هنا سابقاً على العلم بالملاقاة كما لايخفى، وفي المقام الحكم بعدم وجوب الاجتناب عن الملاقي وجهان:
الوجه الأوّل: هو ما ذكره المحقّقالمزبور من عدم منجّزية العلم في الطرف ثانياً، لتنجّز التكليف في حقّه سابقاً.
الوجه الثاني: هي الأولويّة المزبورة، وقد فرغنا عن طريق الاستناد إلى وحده من الحكم بعدم وجوب الاجتناب عن الملاقي في المسائل الثلاثة من دون تفصيل فيها، بلا فرقٍ فيما ذكرنا بين كون العلم الإجمالي علّة تامّة للتنجّز أو اقتضاءاً، بما قد عرفت وجهه تفصيلاً فلا نعيد.
أقول: ومن ما ذكرنا ظهر حكمٌ آخر وإزاحة شبهة اُخرى، وهو أنّ الملاقي بالكسر إذا كان ممّا يحلّ أكله وشربه، وكان له أصالة الحلّية والأصل الحكمي ـ مضافاً إلى أصالته والأصل الموضوعي ـ جرى فيه أصالة الطهارة الموضوعي الموجب لترتّب الأصل الحكمي عليه قهراً.
وتوهم: حصول المعارضة بين أصالة الطهارة مع الأصل الحكمي في الطرف، ليبقى الأصل الحكمي فيه وهو أصالة الحلّية، ليأتي السؤال عن أنـّه كيف صحَّ الحكم بوجوب الاجتناب من حيث الطهارة والنجاسة والإباحة، والحلّية من حيث أصالة الحلّية، ومعلومٌ أنّ ذلك من الاُمور المستبعدة.
مدفوع: بما قد عرفت لوجود نظائره في سائر الأمثلة كما شرحناه، ولكن على المبنى المختار لا نحتاج ولا يستلزم إلى مثل هذا الجواب، بل يوافق مقتضى الأصلين في الصور الثلاث في المسائل الثلاثة.
كما لا نحتاج إلى هذا الجواب إذا كان العلم الإجمالي المتعلّق للملاقى غير منجّز، لأجل وجود حكمٍ منجّز قبله في حقّ الطرف المقابل، فحينئذٍ يجري في الملاقي أصالة الطهارة كما هو مختارنا، فتتحقّق الحلّية والإباحة فيه أيضاً.