درس خارج اصول استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

96/11/24

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: استعراض رأي المحقّق الخوئي ومناقشته

 

ورابعاً: قوله رحمه‌الله بكون التقدّم والتأخّر الرتبي إنّما يترتّب عليه الآثار العقليّة دون الأحكام الشرعيّة، لأنـّها يترتّب على الموجود الخارجي ممّا لا يصغى إليه؛ لأنّ الأحكام هنا أيضاً تترتّب على ما هو موضوع الدليل في الخارج كما أشار إليه الشيخ الأنصاري قدس‌سره، لأنّ الأصل الجاري في السبب يوجب رفع الشكّ عن المسبّب، فلا ينبغي شكّ حتّى يحكم عليه بحكمٍ، كما أنّ عدم جريان الأصل في السبب يوجب بقاء الشكّ فيه، فيصير موضوعاً للدليل كما عرفت مثاله في الماء المشكوك طهارته وكرّيته، حيث إنّ استصحاب طهارته أو كريّته يوجب رفع الشكّ عن الثوب النجس المغسول به، ومع انتفاء الشكّ يحكم بطهارته، هذا بخلاف ما لو لم يجر فيه ذلك الأصل، فلابدّ من إجراء الأصل في المسبّب من استصحاب نجاسته أو غيره نتيجة الشكّ الموجود فيه .

 

الموضوع: التحقيق حول موضوع الملاقي

 

أقول: إذا عرفت ما أوردنا على كلامه رحمه‌الله، فنقول:

الظاهر عندنا بمقتضى القواعد الاُصوليّة هو القول بعدم وجوب الاجتناب عن الملاقي هنا إذا قلنا بعدم وجوبه فيما إذا كانت الملاقاة والعلم بها بعد العلم الإجمالي بالأولويّة، و وجهه ظاهر بعد التأمّل، حيث إنّ العلم الإجمالي في الفرض السابق كان منجزاً واقتضى الحكم بوجوب الاجتناب عن الملاقى بالفتح، فمع وجود مثل هذا الحكم الجزمي حال الملاقاة والعلم به، لم يكن الحكم بوجوب الاجتناب عن الملاقي بالكسر عملاً بمقتضى السبب والمسبّب ـ كما عليه الشيخ رحمه‌اللهـ أو عدم تأثير العلم الإجمالي الثاني على مبنى النائيني رحمه‌الله، مؤثراً، ففي مثل المقام الذي لم يكن الملاقى حال الملاقاة والعلم بها له حكمٌ أصلاً، بل يثبت له الحكم بعد ذلك، يكون الحكم بعدم وجوب الاجتناب عن الملاقي ثابتاً بطريقٍ أولى، حتّى ولو كان فرض المسألة وحدة زمان نجاسة الملاقي والملاقى لو كان في الواقع فيه النجاسة، وعليه فما اختاره الشيخ قدس‌سره هو الأقوى عندنا.

وبالجملة: ممّا ذكرنا يظهر أنّ الحكم بعدم وجوب الاجتناب عن الملاقي في الصورة الثانية، وهي ما لو كان زمان المعلوم بالإجمال سابقاً على زمان الملاقاة ـ كما مثّلناه بقيام العلم الإجمالي في يوم السبت على أنّ أحد الإنائين كان نجساً يوم الخميس، وكانت الملاقاة مع الثوب يوم الجمعة ـ يكون بطريق أولى من الصورة الاُولى، بل أولويّة الحكم فيه أقوى من أولويّته لإمكان التوهّم في وحدة الزمان من جعل الملاقي داخلاً في أطراف العلم الإجمالي كما صرّح بذلك سيّدنا الخوئي قدس‌سرهفي دورته السابقة، وفصّل بين الصورتين وإن تراجع عنه بعد ذلك وألحق الثانية بالاُولى، وإن كان الأصحّ أن يقول بعكس ذلك، ويلحق الصورة الاُولى بالثانية على ما ذهب إليه في الدورة السابقة، لأنّ اقتران الزمانين فيهما وعدم الاقتران لا يؤثّران فيما هو المهمّ من كون نجاسة الملاقي نجاسة حادثة مشكوكة التحقّق، وداخلة تحت الأصل من دون معارض، من جهة اختلاف المرتبة والأولويّة الأوّليّة بالنظر إلى المسألة الاُولى، والأولويّة الثانويّة بالنظر إلى صورة الاقتران.

وما ذكره رحمه‌الله عند استدلاله على إثبات مقصوده من أنـّه لابدّ لجريان الأصل من الشكّ الفعلي وفي التنجّز من العلم، لعدم تنجّز التكليف بوجوده الواقعي ما لم يعلم به المكلّف قبيل العلم الإجمالي، لا يكون في أطرافه شكّ، فلا مجال لجريان الأصل، ولا لتساقط الاُصول كما هو ظاهر، وبعد العلم الإجمالي كان الملاقي بالكسر داخلاً أيضاً من أطرافه فتتساقط الاُصول .

غير وجيه بالنظر إلى ما بعد العلم الإجمالي، إذ الصغرى ممنوعة وأمّا الكبرى وهو ما ذكره قبل العلم الإجمالي فثابتة وصحيحة، أي إنّا لا نسلّم كون الملاقي بالكسر من جملة أطراف العلم الإجمالي، فعليك بالتأمّل والدقّة.