درس خارج اصول استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

96/11/18

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: حكم الملاقاة المتأخّر عنها العلم الإجمالي

 

فأمّا الصورة الاُولى: فقد وقع فيها الخلاف:

ذهب المحقّق النائيني رحمه‌الله إلى عدم نجاسة الملاقي فيها أيضاً، لجريان أصالة الطهارة المسبّبيّة فيه بعد تعارض الأصلين في الملاقى والطرف المقابل من ناحية السبب؛ لأنّ الشكّ في نجاسة الملاقي مسبّبٌ عن الشكّ في نجاسة الملاقى، وهي متأخّرة رتبةً عن نجاسة الملاقى فلا تصل النوبة إلى أصله إلاّ بعد سقوط أصلهما.

خلافاً لصاحب «الكفاية»، ووافقه سيّدنا الخوئي في «مصباح الاُصول» والمحقّق الخميني، لكن بعدما كانا متّفقين مع رأي المحقّق النائيني في الدورة السابقة، لكن تراجعا عنه لاحقاً.

وكيف كان، فقد جعلوا الوجه في الاجتناب عنه هو كون الملاقي والملاقى معاً طرفاً للعلم الإجمالي كالطرف المقابل، فأوجبا الاجتناب عنهما كما يجب الاجتناب عنه، نظير ما لو علم بنجاسة الإنائين الصغيرين معاً أو الإناء الكبير، فكما يجب الاجتناب عن الصغيرين في المثال، هكذا يجب الاجتناب عن الملاقي والملاقى هنا، والتفاوت بينهما من حيث كون نجاسة أحدهما مسبّباً عن الآخر في الملاقاة بخلاف الصغيرين، لا يوجب الفرق في التنجيز بعد كون نسبة العلم الإجمالي إلى كليهما على حدٍّ سواء.

 

الموضوع: استعراض رأي المحقّق الخوئي ومناقشته

 

ذكر سيّدنا الخوئي في تأييد كلام المحقّق الخراساني قدس‌سره: (بأنّ الأصل الجاري في الملاقي وإن كان متأخّراً رتبةً عن الأصل الجاري في الملاقى، إلاّ أنّ هذا الأصل في الملاقي لا يكون متأخّراً عن الأصل الجاري في الطرف المقابل، فيوجب التعارض معه، ويوجب التساقط، فلازم ذلك سقوط الاُصول الثلاثة،وثبوت‌التنجّز لجميع الثلاثة، فيجب الاجتناب عنها جميعاً.

وتوهّم: كون الأصل المتأخّر عن الأصل في الملاقى رتبة تأخّره عمّا يساويه وهو الأصل الموجود في الطرف المقابل، لأنّ المتأخّر عن أحد المتساويين متأخّر عن الآخر أيضاً لا محالة.

مندفع: بأنّ ذلك إنّما يتمّ في التقدّم والتأخّر الزماني أو الشرب دون الرتبي؛ لأنّ تأخّر شيء عن أحد المتساويين في الرتبة لا يقتضي تأخّره عن الآخر أيضاً، فإنّ وجود المعلول متأخّر رتبةً عن وجود علّته وليس متأخّراً عن عدم العلّة، مع أنّ وجود العلّة وعدمها في رتبة واحدة، لأنـّه ليس بينهما عليّة ومعلوليّة، ويعبّر عن عدم العليّة والمعلوليّة بين شيئين بوحدة الرتبة.

وبعبارة اُخرى: التقدّم والتأخّر الرتبي عبارة عن كون المتأخّر ناشئاً من المتقدّم ومعلولاً له، وكون شيء ناشئاً من أحد المتساويين في الرتبة ومعلولاً له لا يقتضي كونه ناشئاً من الآخر ومعلولاً له أيضاً، مضافاً إلى أنّ التقدّم والتأخّر الرتبي إنّما تترتّب عليها الآثار العقليّة دون الأحكام الشرعيّة، لأنـّها مترتّبة على الموجودات الخارجيّة التي تدور مدار التقدّم والتأخّر الزماني دون الرتبي، وممّا يدلّنا على ذلك أنـّه لو علم المكلّف إجمالاً ببطلان وضوئه‌لصلاه‌الصبح،أو بطلان صلاه‌الظهر، لترك ركنٍ مثلاً، يحكم ببطلان الوضوء وبطلان صلاة الصبح وبطلان صلاة الظهر، فتجب إعادة الصلاتين، مع أنّ الشكّ في صلاة الصبح مسبّبٌ عن الشكّ‌فيالوضوء، وكان الأصل الجاري فيها في رتبة متأخّرة عن الأصل الجاري فيه، إلاّ أنـّه لا أثر لذلك بعد تساوينسبه‌العلم‌الإجمالي إلى‌الجميع،فتسقط قاعدة الفراغ في الجميع، ولو كان للتقدّم الرتبي أثر لكانت قاعده‌الفراغ فيصلاه‌الصبح جارية بلا معارض، لتساقطها فيالوضوء وصلاة الظهر للمعارضة فتجري فيصلاه‌الصبح بلا معارض، لكون جريان القاعدة فيهما في رتبة متأخّرة عن جريانها فيالوضوء، فيحكم بصحّة صلاة الصبح وبطلان الوضوء وصلاة الظهر، ولا أظنّ أن يلتزم به فقيه.

فتحصّل: أنّ الصحيح ما ذهب إليه صاحب «الكفاية» رحمه‌اللهمن وجوب الاجتناب عن الملاقى في هذه الصورة). انتهى ملخّص كلامه زيدَ في علوّ مقامه[1] .

 


[1] مصباح الاُصول: ج2 / 417.