96/11/17
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: الاستدلال بالأخبار الدالّة على التنجيس
هذا كما عن المحقّق العراقي رحمهالله ردّاً على المحقّق النائيني رحمهالله.
أقول: ولكن الإنصاف عدم تماميّة كلام المحقّق العراقي حتّى على القول بالعليّة في العلم الإجمالي، لإمكان أن يقال بأنّ العلم الإجمالي الذي يكون وجوده علّة تامّة للتنجّز، ليس كلّ علمٍ إجماليّ، بل ما يصحّ تنجّزه في أطرافه، أي ما لا يكون حكم كلّ طرفٍ منجّزاً بدليلٍ آخر، وإلاّ لزم عدم وجود موردٍ لانحلال العلم الإجمالي، مع أنـّه مخالفٌ للضرورة، إذ المحقّق المزبور سلّم تحقّق الانحلال فيما إذا تبدّل العلم الإجمالي في طرفٍ بعلم تفصيلي كما لو علم بوقوع النجاسة فيه قطعاً، وصيرورة الطرف المقابل شكّاً بدويّاً، سواء كان كذلك من أوّل الأمر وهو لا يعلم ثمّ علم، أو حصل ذلك بعد العلم الإجمالي، مع أنـّه لو كان صرف وجود العلم الإجمالي علّة تامّة لذلك، لزم منه الاجتناب من الطرف الآخر المشكوك في المورد المفروض، مع أنـّه واضح البطلان.
ومن هنا يظهر أنّ التفصيل المذكور كان حقّاً، ولذلك لا يكون الملاقي في المقام داخلاً تحت حكم وجوب الاجتناب، إمّا لما ذكره الشيخ رحمهالله من حكم السببيّة، أو لما ذكره المحقّق النائيني والله العالم.
والنتيجة: إذا حكم على الملاقى بالطهارة على ما ذكرنا، فلا فرق فيه بين ما كان الملاقي ممّا يجري فيه أصالة الإباحة والحليّة كالمشروبات والمأكولات، أو لم يكن فيه جارياً كالثوب، فإنّه كما لا يستلزم ـ على ما قلنا ـ الاستبعاد العرفي في التفريق بين حكم الطهارة والإباحة في مثل المشروبات، بأن يكون من حيث الطهارة والنجاسة واجب الاجتناب، بخلاف الإباحة والحرمة حيث يكون مباحاً، لما عرفت من كونه طاهراً، فالإباحة فيه حاصلة من هذه الناحية كما لا يخفى.
هذا تمام الكلام في المسألة الاُولى، هي ما لو كانت الملاقاة والعلم بها واقعة بعد العلم الإجمالي بنجاسة الملاقى بالفتح أو الطرف.
***
الموضوع: حكم الملاقاة المتأخّر عنها العلم الإجمالي
المسألة الثانية: وهي ما لو حصلت الملاقاة وعلم بها، ثمّ حصل العلم الإجمالي بنجاسة الملاقى بالفتح أو الطرف الآخر.
أقول: المسألة متصوّرة بصورتين:
إحداهما: ما لو كان زمان نجاسة الملاقى بالفتح وزمان نجاسة ملاقيه ـ على فرض كون النجاسة فيه واقعاً ـ واحداً، كما لو فرض كون الثوب الملاقي في إناء فيه ماءٌ يحتمل نجاسته بالعلم الإجمالي بينه وبين الطرف.
وثانيهما: ما لو كان الزمان متفاوتاً، أي كون زمان نجاسة الملاقى قبل زمان نجاسة الملاقي بالكسر.
وبعبارة اُخرى: كان زمان المعلوم بالإجمال سابقاً على زمان الملاقاة، كما إذا علمنا يوم السبت بأنّ أحد هذين الإنائين كان نجساً يوم الخميس، ولاقى أحدهما الثوب يوم الجمعة.