96/11/04
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: الاستدلال بالأخبار الدالّة على التنجيس
ومثله الخبر الذي رواه محمّد الحلبي، عن أبي عبد الله عليهالسلام، قال:
«قلت له: إنّ طريقي إلى المسجد في زقاق يُبال فيه، فربما مررتُ فيه وليس عَليَّ حذاء، فيلصق برجلي من نداوته؟
فقال: أليس تمشي بعد ذلك في أرضٍ يابسة؟
قلت: بلى، قال: فلا بأس إنّ الأرض تطهّر بعضها بعضاً.
قلت: فأطأ على الروث الرطب؟
قال: لا بأس، أنا والله ربما وطئت عليه ثمّ أُصلّي ولا أغسله»[1] .
وغير ذلك من النصوص والروايات الكثيرة الواردة في ذلك، حيث يظهر من جميعها كون التنجيس والتطهير من الأسباب الموجبة لذلك ، ويكون مؤيّداً لكلام المشهور.
فإذا ثبت كون النجاسة من باب السراية والسببيّة، الموجبة لاستقلال جعل الحكم بالنجاسة للملاقي، ينتج في المقام أنّ الملاقي لأحد الأطراف إذا شُكّ في ثبوت حكم النجاسة عليه وعدمه، كان الأصل دالاًّ على عدمها، فلا يكون الملاقي طرفاً للعلم الإجمالي حتّى يعارض أصالة طهارته مع الأصل الجاري في الطرف المقابل للملاقى، ليسقط ويحكم بوجوب الاجتناب، كما كان الأمر كذلك على مسلك صاحب «الغنية» رحمهالله.
بل قد يؤيّد مسلك المشهور، عدم التزامهم بقيام المعارضة بين أصالة الطهارة الجارية في الملاقي بالكسر، مع استصحاب النجاسة في الملاقى بالفتح، مع أنّ مقتضى الاتّساع والانبساط كون نجاسة الملاقي من سعة نجاسة الملاقى، فبعد التعبّد بالنجاسة في الملاقى يوجب التعبّد بالنجاسة في الملاقي، فيوجب المعارضة مع أصالة الطهارة فيه، مع أنّهم غير ملتزمون بذلك، كما أنّ ارتكاز العرف أيضاً كذلك، بمعنى أنـّهم يلتزمون أنّ النجاسة في الملاقي إنّما تكون بالسراية والسببيّة لا بالاتّساع والانبساط، ولذلك ترى إباء ارتكازهم عن إسراء النجاسة من الداني إلى العالي في الماء وغيره، مع أنـّه لو كان بالاتّساع لما كان فرقٌ بين العالي والداني كما لا يخفى ذلك على المتأمّل الدقيق.