96/11/01
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: أدلّة السيّد ابن زُهرة على نجاسة الملاقي
استدلّ صاحب الغنية قدسسرهللقول بنجاسة الملاقي بالأدلّة الثلاثة:
الدليل الأوّل: وهو الكتاب، حيث استدلّ بالآية الشريفة الواردة في سورة المدّثر، وهي قوله تعالى: ﴿وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ﴾[1] ، بدعوى ظهور الآية في الملازمة بين وجوب الهجر عن عين النجس والاجتناب عنه، وبين وجوب الهجر عن ملاقيه، ولولا هذا الظهور لم يتّجه الاستدلال بانفعال ماء القليل بملاقاة النجاسة؛ لأنّ معنى لزوم الهجر عن النجس هو الهجر عن تمام شؤونه وتوابعه، ومن توابعه ملاقيه، فيجبُ الهجر عنه.
واُجيب عنه: بأنـّه لا يخفى ضعفه، لأنّ الرُّجز بالضم أو الكسر :
إن اُريد منه الوسوسة كما ورد في الآية: ﴿فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمْ الرِّجْزَ﴾، أو العذاب كما وقع في الآية: ﴿فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمْ الرِّجْزَ﴾[2] كانت غير مرتبطة بمسألتنا أصلاً.
وإن اُريد منه القذر والرجس والنجس كما هو مدّعاه رحمهالله فإنّه لا يستفاد منه ذلك، لأنـّه:
إمّا أن يُراد من الرجز خصوص الأعيان النجسة، أو يراد منه الأعمّ منها ومن المتنجّس؟
فإنْ اُريد الأوّل فلا تدلّ الآية إلاّ على وجوب الاجتناب عن عين النجس لا عن توابعه كالمتنجّس الذي عبارة عن ملاقيه.
وإنْ اُريد الثاني، فإنّه برغم صحّة شمول الآية للمتنجّس والحكم بوجوب الاجتناب عنه، إلاّ أنـّه غير مرتبط بالمقام، لأنـّه لا يكون الحكم بوجوب الاجتناب عنه حينئذٍ لأجل وجوب الاجتناب عن نفس النجس كما هو مدّعاه، لأنـّه يدّعي بأنّ النجس نفسه قد اتّسع وانبسط حتّى شمل الملاقي، ممّا يعني أنّ نفس دليل وجوب الاجتناب عن النجس هو الدليل على وجوب الاجتناب عن ملاقيه، بل كان وجه وجوب الاجتناب عن الملاقي حينئذٍ هو شمول نفس الدليل له، وهذا مخالف لمدّعاه.
الموضوع: الاستدلال بالأخبار الدالّة على التنجيس
والدليل الثاني: تمسّكه بالخبر الذي رواه الشيخ بإسناده عن عمر بن شمر، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر عليهالسلام، قال:
«أتاه رجلٌ فقال: وقعت فأرة في خابية فيها سَمن أو زيتٌ، فما ترى في أكله؟
قال: فقال أبو جعفر عليهالسلام: لا تأكله .
قال له الرجل: الفأرة أهونُ عليَّ من أن أترك طعامي من أجلها!
فقال عليهالسلام: إنّك لم تستخفّ بالفأرة، وإنّما استخففت بدينك، إنّ الله حرّم الميتة من كلّ شيء»[3] .