درس خارج اصول استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

96/10/27

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: الدفاع عن رأي الشيخ الأنصاري

 

وأيضاً: لا يخفى ما في مثاله من المناقشة، والمثال هو ما إذا لم تكن الأطراف مسبوقة بملكيّة الغير كما في اصطياد رجلين لصيدين، ثمّ غصب أحدهما صيد الآخر، واشتبه الأمر عليه وحصل لأحدهما النماء، والإشكال هو إنّه إذا كان الصيد لم يدخل في ملك صائده بنفس الصيد، ويحتاج لدخوله في مِلْكه من التصرّف، فلا معنى لحكمه بغصب أحدهما لصيد الآخر؛ لأنّ مفهوم الغصب هو التسلّط على ملك الغير قهراً عليه، وما ليس داخلاً في ملكه لا يصدق فيه عنوان المقهوريّة، وإن كان دخل في ملكه بنفس الصيد، ولا يحتاج دخوله في ملكه إلى التصرّف فيه، فغصب أحدهما يكون مسبوقاً بملكيّة الآخر، فكيف جَعَله مثالاً لما لم‌يكن‌مسبوقاًكذلك؟!

وكيف كان، فبالرغم من أنّ المناقشة في المثال ليس من دأب المحصّلين، لكن يبدو أنـّه رحمه‌الله أراد من سبق الملكيّة وعدمه، حال انتقال مالٍ عن ملك أحدٍ إليه بالاشتراء وعدم الانتقال، لأنـّه أشار في ذيل كلامه لصورة ما لو اشترى إحدى الشجرتين وغصب الاُخرى، واشتبها وأخذ من ثمرة إحداهما، فإنّ استصحاب بقاء الملك في ملك صاحبه يستلزم الحكم بوجوب الاجتناب عن الثمرة، كما يستلزم الحكم بثبوت الضمان لو تصرّف، لأنّ الأصل محرزٌ له بكونه مال الغير ولو تعبّداً، وهذا المقدار من الإحراز يكفي في الحكم بالضمان كما لا يخفى.

وبالجملة: فاستدلاله رحمه‌الله في هذا المقام متينٌ لا غبار عليه.

أقول: بعد استعراض المقدّمات الثلاث، يجب العود إلى أصل البحث، وهو:

هل أنّ ملاقي بعض أطراف الشبهة المحصورة محكومٌ بالنجاسة ولزوم الاجتناب عنه أم لا ؟

وتوضيح هذه المسألة موقوفٌ على بيان مسائل ثلاث:

الاُولى : فيما إذا كانت الملاقاة والعلم بها بعد العلم الإجمالي بنجاسة أحد الطرفين.

الثانية: عكس الاُولى بأن كانت الملاقاة والعلم بها قبله.

الثالثة: ما إذا كان العلم الإجمالي بعد الملاقاة ولكن قبل العلم بالملاقاة.

***

الموضوع: حكم ملاقي المشتبه لأطراف العلم الإجمالي بعد العلم

 

فأمّا المسألة الاُولى: ما إذا كانت الملاقاة والعلم بها بعد العلم الإجمالي، والسؤال هو أنـّه كما يجب الاجتناب عن الطرفين الذي كان واحدٍ منهما هو الملاقى بالفتح، فهل يجب الاجتناب عن الملاقي لذلك الطرف بواسطة ذلك العلم الإجمالي أم لا ؟

فيه خلافٌ بين فقهاءنا:

ذهب إلى الأوّل السيّد أبو المكارم في «الغنية»، واستدلّ على تنجّس الماء القليل بملاقاة النجاسة بالأدلّة الدالّة على تنجّس النجس، ووجوب الاجتناب عنه، كما سنشير إلى ذلك عن قريب إن شاء الله تعالى.

خلافاً للمشهور من المتأخّرين من القول بعدم وجوب الاجتناب عنه، هذا بعد اعترافهم بوجوب الاجتناب عن ملاقى النجس المعلوم نجاسته تفصيلاً نصّاً وفتوىً بلا إشكال، بل كان من الضرورة عندهم، والخلاف إنّما وقع في الملاقي لأطراف العلم الإجمالي في الشبهة المحصورة إذا كانت الملاقاة لبعض الأطراف.