درس خارج اصول استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

96/10/12

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: حكم تعارض الاُصول في الشبهة المحصورة

 

أقول: ولا يخفى عليك صحّة ما ذكره في هذه الصورة، كما كانت الصورة الاُولى عندنا مثلها، وأمّا بالنسبة إلى لزوم تقديم التيمّم على الوضوء، فهناك خلافٌ بين الفقهاء لأنّ السيّد في «العروة» في مسألة 3 في (فصل ما يشترط فيما يُتيمّم به) حكمَ بوجوب الجمع بينهما حصراً من دون الحكم بوجوب تقديم التيمّم على الوضوء، ولعلّ صدور حكمه هذا اتّكالاً على مقتضى الأصل الجاري في كلّ طرفٍ، حيث إنّ مقتضى العلم الإجمالي وإن كان هو وجوب الجمع بينهما في تحصيل الطهارة، إلاّ أنّ مقتضى أصالة الطهارة في البدن الناشئ من الشكّ الحاصل فيه من الوضوء استلزام حكمه بطهارته، فلا يوجب ذلك حصول القطع بفساد التيمّم، من جهة ما ذكره من أنّ التيمّم إمّا حاصلٌ بعد نجاسة البدن إذا كان الماء نجساً ممّا أوجب فقد شرطيّة طهارة محلّ التيمّم، أو كان التيمّم بنفسه باطلاً لأجل نجاسة التراب، فيما لو كان الماء طاهراً، لأنّ الأصل يحكم بطهارته ظاهراً، وهو كافٍ في الحكم بصحّة التيمّم بعده، لأجل إحرازه التعبّدي بطهارة البدن بالأصل، ومن المعلوم أنّ شرط تحصيل طهارة موضع التيمّم يكون أعمّ من الواقعي والتعبّدي، كما أنّ الأمر لصلاته كذلك كما لا يخفى، إلاّ أنّ الإشكال ليس من جهة احتمال نجاسة البدن حتّى يُجاب بذلك، بل الإشكال كان من جهة علمه بفساد التيمّم حينئذٍ، لأنّ أمره دائرٌ بين :

ما لو كان الماء طاهراً وهو نجسٌ فلا مشروعيّة حينئذٍ للتيمّم، فعدم الجواز كان لذلك لا لأجل النجاسة .

أو كان التراب طاهراً والماء نجس، فيكون التيمّم واقعاً على العضو النجس واقعاً، ممّا يوجب فقدان شرطيّة طهارته.

وعلى كلّ حال يقطع المكلّف ببطلان التيمّم، هذا إن قلنا بشرطيّة طهارة العضو في غير الاضطرار.

وإن لم نقل بذلك حتّى في حال غير الاضطرار، فلا بأس حينئذٍ بتقديم الوضوء على التيمّم، لعدم حصول القطع بفساد التيمّم حينئذٍ، والاحتياط يقتضي رجحان الأوّل على الثاني، أي تقديم التيمّم على الوضوء كما قلنا في تعليقتنا على «العروة» تبعاً لبعض من الفقهاء.

أقول: هذا تمام الكلام في الصورتين من هذه المسألة، الصورة الاُولى من كونه مركزاً للحكم الوضعي، سواء كان معارضاً للأصل الجاري في الآخر بواسطة وجود أثر آخر له كما قرّرناه وأنكره الخصم، أو الصورة التي تثبت لها أثر في الآخر حتّى عند الخصم كما عرفت تفصيله، ولكن كلتيهما كانت ممّا لا يترتّب عليه إلاّ الحكم الوضعي فقط دون التكليفي .

نعم، يحتمل أن نصوّر الاحتياط فيه بوجهٍ أحسن ممّا سبق ذكرها، وهو تكرار الصلاة بعد كلّ من التيمّم والوضوء، لأجل احتمال نجاسة بدنه بالماء المحتمل نجاسته في الصلاة لو لم تتكرّر، وهو في غاية المتانة لاستلزامه تحصيل الواقع لولا حجّية أصالة الطهارة في البدن الذي يوجب تحصيل طهارة علميّة تعبّديّة، وهو كافٍ فيه.

وأمّا الصورة الثانية: على حسب تقريرنا، فهي ما إذا ترتّب على المعلوم بالإجمال كلاًّ من أثر التكليفي والوضعي، دون أن ينحصر بالوضعي، وهو كما إذا علمنا إجمالاً بغصبيّة الماء أو التراب، فإنّ الأثر المترتّب عليه عبارة عن الوضع، وهو عدم صحّة الوضوء أو التيمّم وعن التكليف وهو حرمة التصرّف والاستعمال في أحدهما.