درس خارج اصول استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

96/10/11

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: حكم تعارض الاُصول في الشبهة المحصورة

 

ورابعاً: لو سلّمنا عدم وجود أثر آخر شرعي في عرض طهارة الماء، وبرغم ذلك نقول هنا إنّه لا يجوز الاكتفاء بالطهارة المائيّة فقط، لأنّ ما ذكره من عدم جواز الاكتفاء بالتيمّم بالتراب، ليس لأجل نجاسته، بل لأجل كون الماء في الواقع طاهراً وهو متمكّنٌ من تحصيل الطهارة به،وفى هذه الحالة لا يجوز التيمّم، فلو كان الماء في الواقع نجساً فأثره جواز التيمّم لا عدم الجواز .

نعم، لو كان أثر عدم جواز التيمّم مترتّباً على التمكّن من الماء الطاهر في الواقع، سواء علمه أم لا فهو، وإلاّ لو كان أثر عدم جواز التيمّم من آثار العلم بكونه متمكّناً من الماء الطاهر، فلا يكون وجه عدم جواز التيمّم هنا من التراب إلاّ احتمال كونه نجساً، لا لأنـّه كان عالماً بالتمكّن من الماء الطاهر؛ لأنّ المفروض أنـّه لا يكون عالماً بذلك، وحينئذٍ يكون أمره دائراً بين وجود العلمين الإجماليّين: أحدهما علمه إجمالاً إمّا بوجوب لزوم تحصيل الطهارة بالماء لو كان طاهراً واقعاً، أو تركه وتحصيل الطهارة الترابيّة لو كان الماء نجساً كما كان له مثل ذلك العلم بالنسبة إلى التراب، حيث يعلم إجمالاً إمّا بجواز التيمّم من هذا التراب فيما لو كان النجس في الماء، أو عدم جواز التيمّم لو كان النجس فيه، ففي مثل ذلك يتنجّز العلم الإجمالي، فتأمّل فإنّه دقيق.

وبالجملة: نتيجة ما ذكرنا هو تنجّز العلم الإجمالي في الصورة الاُولى، فيجري فيها ما يجري في الصورة الثانية كما سيظهر عن قريب، انتهى كلامه.

ثمّ قال المحقّق الخوئي رحمه‌الله في «المصباح»:

(أمّا الصورة الثانية: فجريان أصالة الطهارة في الماء المترتّب عليه جواز الوضوء به، يعارض بجريانها في التراب المترتّب عليه جواز السجدة عليه، وبعد التساقط يكون العلم الإجمالي منجّزاً، وحينئذٍ لا وجه لإدراج المكلّف في فاقد الطهورين، بل يجب عليه الجمع بين الوضوء والتيمّم تحصيلاً للطهارة اليقينيّة، وما يتصوّر كونه مانعاً عنها أمران:

أحدهما : حرمة التوضّئ بالماء المتنجّس ، لكونه تشريعاً ، وكذلك التيمّم بالتراب‌المتنجّس.

ثانيهما: احتمال نجاسة بدنه بملاقاة الماء المحتمل كونه نجساً.

أمّا الأوّل: فمدفوعٌ بأنّ المكلّف يحتاط ويأتي بها رجاءً، فلا تشريع هناك.

وأمّا الثاني: فمدفوعٌ بأنّ مجرّد الاحتمال ممّا لا بأس به بعد كونه مورداً لأصالة الطهارة، وسيجيء أنّ الحكم في ملاقى الشبهة المحصورة هي الطهارة.

فتحصّل: أنّ المتعيّن هو الجمع بين الوضوء والتيمّم تحصيلاً للطهارة اليقينيّة.

وبعبارة اُخرى: هناك علمان إجماليّان:

أحدهما: العلم الإجمالي بنجاسة الماء أو التراب.

والثاني: العلم الإجمالي بوجوب الوضوء أو التيمّم.

ومقتضى العلم الأوّل ليس حرمة الوضوء والتيمّم ذاتاً، بل عدم الاجتزاء بكلّ واحدٍ منهما في مقام الامتثال، ومقتضى العلم الثاني هو الجمع بينهما تحصيلاً لليقين بالطهارة، ولا منافاة بينهما.

نعم، يجب تقديم التيمّم على الوضوء، لأنـّه مع تقديم الوضوء على التيمّم يعلم تفصيلاً بفساد التيمّم إمّا من جهة نجاسة التراب على تقدير كون الماء طاهراً، وإمّا من جهة نجاسة محلّ التيمّم على تقدير كون الماء نجساً، بناءً على ما هو المعروف المشهور من اشتراط طهارة المحلّ في التيمّم ، وإن لم نجد دليلاً عليه إلى الآن .

هذا كلّه فيما إذا لم يكن للمعلوم بالإجمال أثرٌ تكليفي كما في العلم الإجمالي بنجاسة الماء أو التراب، فإنّ المترتّب على المعلوم بالإجمال هو الحكم الوضعي فقط، وهو عدم صحّة الوضوء أو التيمّم)، انتهى محلّ الحاجة[1] .

 


[1] مصباح الاُصول: ج2 / 404.