96/10/09
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: حكم تعارض الاُصول في الشبهة المحصورة
أقول: ولا يخفى على المتأمّل ما يرد عليه:
أوّلاً: هذا إنّما يكون على مبنى من جعل وجه تنجيز العلم الإجمالي هو تساقط الاُصول الجارية في الأطراف بالتعارض، وإلاّ على مسلك من ذهب إلى أنّ وجه تنجيز العلم الإجمالي هو كون نفس العلم علّة تامّة له إلى أن يترتّب على مورده ما يوجب رفع التنجّز ـ من العسر أو الحرج، والضرر والاضطرار، والخروج عن مورد الابتلاء، وكون الشبهة غير محصورة وأمثال ذلك ـ فلا يصحّ ما ذكر، لأنّ العلمإذا تعلّقبنجاسة أحد الطهورين فهو موجبٌلتنجّزه،والحكمبوجوبالاجتناب فيما يجب فيه، أو بوجوب الاحتياط فيما يقتضي ذلك، والمقام يكون من القسم الثاني حيث إنّه يجب عليه تحصيل الطهارة بأيّ قسمٍ منها من المائيّة أو الترابيّة، سواء تساقطت الاُصول بالمعارضة أم لا، وسواء كانت مرتبة كلّ واحدٍ منها واحدة أو متفاوتة.
وثانياً: على فرض تسليم مبنى القول بشرطيّة عدم التعارض فيها على اتّحاد المرتبة، وكون تنجّزه منوطاً بعدم التساقط فيها، فمع ذلك نقول: يصحّ ما ذكره لو لم نقل بتنجّز العلم الإجمالي في التدريجيّات، أي فيما لا يكون كلّ واحدٍ من الأطراف مورداً للابتلاء دفعة، وإلاّ لو التزمنا بتنجّزه حتّى في التدريجيّات فلابدّ من القول بغير ما ذكره؛ لأنّ التراب وإن سلّمنا عدم ترتّب أثر عليه سوى جواز التيمّم عليه فعلاً،لعدم كون المكلّف مكلّفاًبالسجدة،إمّا لكونه مكلّفاً بالإيماء، أو كان في وقت لا تكليف له بذلك، أو كان التراب للغير ولم يأذن له بالسجدة عليه، وأمثال ذلك، إلاّ أنـّه سيصبح قريباً مورداً للاحتياج بالسجدة عليه، إمّا بإذن الغير أو بتملّكه وصيرورته مِلكاً له وأمثال ذلك ولو بعد مضيّ مقدار من الزمان، فحينئذٍ يكون العلم الإجمالي منجّزاً أيضاً عند من يقصد صحّة تنجّزه في مثله.
وثالثاً: على فرض تسليم ذلك، نقول إنّه ليس إلاّ مجرّد فرض فقط، لأنّ التراب له أثر في عرض أثر جواز التيمّم قطعاً، فيعارض أصالة الطهارة الجارية فيه مع أصالة الطهارة في الماء، وذلك الأثر هو مثل مطهريّته لنجاسة الخفّ والرِّجل والاستنجاء، وقابليّته لتطهير الإناء الذي ولغ فيه الكلب وأمثال ذلك عدا السجدة والتيمّم، وهذه الآثار لا تكون موقوفة على إذن الغير من جهة نفسه وبذاته، فمثل هذه تكون في عرض أثر طهارة الماء، فيعارض معه فيسقط، والمرجع حينئذٍ إلى مقتضى مدلول العلم الإجمالي من التنجيز كما لا يخفى.