96/10/05
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: الشبهة المتردّدة بين المحصور وعدمه
وناقشه صاحب «عناية الاُصول» بقوله:
(وفيه: أنّ التكليف مقيّد بعدم العسر لا محالة، فإذا شكّ في تحقّق العُسر وعدمه بنحو الشبهة المصداقيّة، كما هو ظاهر كلام المصنّف، فلا مجال للتمسّك بالإطلاق بلا كلام، فإنّه من قبيل التمسّك بالعام في الشبهات المصداقيّة للخاصّ، وهو ممنوع جدّاً، بل لابدّ من الرجوع إلى البراءة لأنـّه شكّ في التكليف .
اللهمَّ إلاّ إذا كان هناك أصلٌ موضوعيٌ كاستصحاب عدم العسر فيما كان له حالة سابقة، فيقدّم على البراءة)، انتهى كلامه[1] .
أقول: ولا يخفى عليك أنّ المسألة حكمها متفاوتٌ باختلاف المباني والوجوه؛ لأنـّه على مبنى المحقّق الخراساني حيث ذهب إلى دعوى العلم بفعليّة التكليف المعلوم بالإجمال من جميع الجهات، فلازم هذه الدعوى هو الاشتغال حتّى مع العلم بانطباق العسر والحرج عليه، فضلاً عن صورة الشكّ، لأنّ معنى العلم بفعليّة التكليف من جميع الجهات، هو أنّ الشارع يطلب ذلك من المكلّف في جميع الحالات حتّى مع العسر والحرج، فمجرّد وجود كثرة الأطراف الموجب لعسر تحصيل الموافقة القطعيّة لا يوجب سقوط فعليّة التكليف، ولذلك قد أورد عليه بعض الأكابر مثل العلاّمة البروجردي بأنـّه لا معنى لاستدراك المحقّق الخراساني بقوله: (نعم، ربما يكونكثرهالأطراف فيموردموجبهلعسرموافقهالقطعيّهباجتناب كلّها.. إلى_'feآخره) لأنـّه يرجع إلى_'feعدم كونالتكليف من جميعالجهات فعليّاً.
اللهمَّ إلاّ أن نقول: بأنّ مراده من كونه من جميع الجهات فعليّاً؛ أي من غير هذه العناوين الثانويّة كما هو الظاهر، وإن أجاب المحقّق المزبور بأنـّه يحتمل أن يكون مراد القوم من تلك العبارة غير ظاهرها، أي العلم بالحجّة القائمة على التكليف الفعلي على نفس التكليف، فالعلم بالحجّة يجتمع مع العلم بوجود حجّة أقوى على نفي التكليف كالعسر والحرج مثلاً.
ولكن لا يخفى ما في الجواب من كونه خلاف المستفاد من ظاهر كلامهم.
وبالجملة: فعلى ما ذكرنا من التوجيه، يلزم التمسّك بإطلاق الدليل وحجّيته إلى حين إحراز الخلاف بواسطة انطباق العسر والحرج عليه.
وبالتالي فما ذكره المحقّق الخراساني يعدّ في غاية المتانة، فلا وجه لما ذكره صاحب «عناية الاُصول» حيث جعل التكليف الفعلي مقيّداً بعدم العسر والحرج، وجعل الشكّ فيه من قبيل الشكّ في الشبهة المصداقيّة، ثمّ أورد عليه بأنّ التمسّك بالإطلاق فيالمشكوك يكون منقبيلالتمسّكبالعامفيالشبههالمصداقيّة. لأنّ نسبة الأدلّة الثانويّة بالنظر إلى العناوين الأوّليّة ليس إلاّ على نحو الحكومة لا التقييد والتخصيص حتّى يجعل التكليف مقيّداً بعدمها كما توهّمه .
هذا كلّه حكمالشكّ بالنظر إلى مبنى صاحب «الكفاية»حيثلميجعلالشبهة غير محصورة من الاُمور المسقطة للتكليف عن الفعليّة، إلاّ إذا انطبق عليها أحد تلك العناوين.