درس خارج اصول استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

96/09/21

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: بيان تحديد الشبهة غير المحصورة

 

الوجه الثاني: من الأدلّة على عدم وجوب الموافقة القطعيّة في الشبهة غير المحصورة هو ما اختاره المحقّق النائيني قدس‌سره من أنّ المخالفة القطعيّة غير متمكّن فيها، لأنـّه هو الميزان في صورة الشبهة غير محصورة بأن لا يقدر المكلّف عادةً من المخالفة القطعيّة بارتكاب جميع الأطراف، ولو فرض قدرته على ارتكاب كلّ واحدٍ منها، فحينئذٍ قد جعل وجوب الموافقة القطعيّة من متفرّعات حرمة المخالفة القطعيّة، فكلّ ما لا تكون المخالفة القطعيّة محرّمة، لا تكون الموافقة القطعيّة واجبة، والمفروض عدم حرمة المخالفة القطعيّة في الشبهة غير المحصورة التحريميّة، لعدم تمكّنها ولا اختصاصها بها، فلا تكون الموافقة واجبة أيضاً، وهو المطلوب، هذا.

وفيه: أنّ ما ذكره ممنوعٌ من حيث الصغرى والكبرى.

أمّا الصغرى: فلما عرفت منّا بأنـّا لا نُسلّم كون ملاك الشبهة غير المحصورة هو أن لا يقدر المكلّف عادةً من ارتكاب جميع الأطراف، لأنـّه قد يقدر على الارتكاب ومع ذلك تعدّ الشبهة عند العرف والعقلاء من غير المحصورة، وقد مرّ تفصيله فلا نُعيد.

وأمّا الكبرى: فممنوعة لأنـّه لا ملازمة بين عدم حرمة المخالفة القطعيّة وعدم وجوب الموافقة القطعيّة، وذلك لما قد عرفت بأنّ الملاك في سقوط العلم الإجمالي عن التنجّز هو سقوط الاُصول في أطرافه لأجل التعارض والتدافع، فعلى تقدير تمكّن المكلّف من تحصيل الموافقة القطعيّة وجبت عليه، لأنّ احتمال التكليف موجب لاحتمال العقوبة، فلابدّ له من تحصيل المؤمّن حينئذٍ، وإلاّ لكان الواقع عليه منجّزاً، فعجز المكلّف عن المخالفة القطعيّة المستلزم لعدم حرمتها عليه على الفرض لا يوجبُ عدم وجوب الموافقة القطعيّة المفروض قدرته عليها، وعدم وجود المؤمّن له من احتمال وجود العقاب على المخالفة.

نعم، لو كان عدم حرمة المخالفة القطعيّة مستنداً إلى قصورٍ في ناحية التكليف، لا إلى عجز المكلّف عنها، لاستلزم عدم حرمة المخالفة عدم وجوب الموافقة، ولكنّه خلاف للمفروض.

وبالجملة: ثبت من ذلك عدم تماميّة هذا الوجه لعدم وجوب الموافقة كما لا يخفى.

الوجه الثالث: هو أنـّه لو حكم في الشبهة غير المحصورة بوجوب الاجتناب لاستلزم الحرج والعسر، وهو منفيّ فيالشريعه‌المقدّسة،إذ لا حرج في الدِّين، هذا.

لكنّه مخدوش أوّلاً: بما قد عرفت منّا سابقاً بأنّ الكلام يدور عن أصل عنوان الشبهة غير محصورة، وهو المنطبق عليه فقط، لا غيره من أحد تلك العناوين، وإلاّ لكان نفي الحكم مستنداً إلى ذلك العنوان من الحرج والضرر وغيرهما لا إلى كون الشبهة غير محصورة، فمعنى ذلك هو التسليم بوجوب الاجتناب إذا كان منحصراً فيه ذلك، ولم ينطبق عليه غيره كما عرفت التصريح بذلك من صاحب «الكفاية»، فهو خلاف للمطلوب.

وثانياً: إنّه على فرض التسليم، إنّما يصحّ دعواه بمقدار ما يصدق عليه ذلك من العسر والحرج بالنسبة إلى حال الشخص، إذ قد يختلف صدقه بالنسبة إلى حال الأشخاص والأزمان والأمكنة وغير ذلك من الخصوصيّات، فلا يصحّ القول بعدم وجوب الاجتناب عن الأطراف مطلقاً، كما هو المُدّعى في صدر المسألة، وإلاّ أصبح الدليل أخصّ من المدّعى .