96/09/18
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: بيان تحديد الشبهة غير المحصورة
الرأي الرابع: ما ذكره المحقّق النائيني قدسسره (من أنّ الميزان هو أن تبلغ أطراف الشبهة حدّاً لا يمكن عادةً جمعها في الاستعمال من أكلٍ أو شرب أو لبس أو نحو ذلك، وهذا يختلف حسب اختلاف المعلوم بالإجمال.
فتارةً: يعلم بنجاسة حبّةٍ من الحنطة في ضمن حُقّة منها، فهذا لا يكون من الشبهة الغير المحصورة لإمكان استعمال الحقّة من الحنطة بطحنٍ وخبز وأكل، مع أنّ نسبة الحبّة إلى الحُقّة تزيد عن نسبة الواحد إلى الألف.
واُخرى: يعلم بنجاسة إناءٍ من لبن البلد، فهذا يكون من الشبهة الغير المحصورة، ولو كانت أواني البلد لا تبلغ الألف، لعدم التمكّن العادي من جمع الأواني في الاستعمال، وإن كان المكلّف تمكّن من آحادها فليس العبرة بقلّة العدد وكثرته فقط، إذ ربّ عددٍ كثير تكون الشبهة فيه محصورة كالحُقّة من الحنطة، كما أنّ لا عبرة بعدم التمكّن العادي من جمع الأطراف في الاستعمال فقط، إذ ربّما لا يتمكّن عادةً من ذلك مع كون الشبهة فيه محصورة، كما لو كان بعض الأطراف في أقصى بلاد المغرب، بل لابدّ في الشبهة الغير المحصورة عمّا تقدّم في الشبهة المحصورة من اجتماع كلا الأمرين، وهما كثرة العدد وعدم التمكّن من جمعه في الاستعمال، وبهذا تمتاز الشبهة الغير المحصورة من أنـّه يعتبر فيها إمكان الابتلاء بكلّ واحدٍ من أطرافها، فإنّ إمكان الابتلاء بكلّ واحدٍ غير إمكان الابتلاء بالمجموع، والتمكّن العادي بالنسبة إلى كلّ واحدٍ من الأطراف في الشبهة الغير المحصورة حاصلٌ، والذي غير حاصل هو التمكّن العادي من جميع الأطراف لكثرتها، فهي بحسب الكثرة بلغت حَدّاً لا يمكن عادةً الابتلاء بجميعها في الاستعمال، بحيث يكون عدم التمكّن من ذلك مستنداً إلى كثرة الأطراف لا إلى أمرٍ آخر)، انتهى محلّ الحاجة[1] .
أورد عليه المحقّق الخوئي أوّلاً: (بأنّ عدم التمكّن من الجمع بين الأطراف هو أعمّ من كونها من الشبهة الغير المحصورة، لإمكان تحقّق ذلك حتّى في قلّة الأطراف، وكون الشبهة محصورة، مثل ما لو علم حرمة الجلوس في إحدى غرفتين في وقتٍ معيّن، فإنّ المكلّف لا يتمكّن من المخالفة القطعيّة بالجلوس فيهما في ذلك، وكذا الحال لو تردّد الحرام بين الضدّين في وقتٍ معيّن)، هذا كما في «مصباح الاُصول» .
لكنّه مخدوش: بأنـّه غير واردٍ عليه، لأنـّه قد نبّه إلى كون جهة عدم التمكّن من المخالفة القطعيّة هو كثرة أطرافه لا من جهة اُخرى مثل كونه في أقصى البلاد أو كون الموردين من المتضادّين.
ثمّ أورد عليه ثانياً: (بأنـّه غير منضبط في نفسه، لاختلاف عدم القدرة على المخالفة القطعيّة باختلاف المعلوم بالإجمال، وباختلاف الأشخاص، وباختلاف قلّة الزمان وكثرته، وغير ذلك من الخصوصيّات، فليس له ضابط، فكيف يكون ميزاناً لكون الشبهة غير محصورة؟).
وهو أيضاً مخدوش: لأنّ اختلاف حال الأشخاص أو الموارد أمرٌ طبيعي في ذلك، لأنـّه يمكن أن يكون مورداً بالنسبة إلى فردٍ من الشبهة المحصورة لتمكّنه من الجمع دون فرد آخر لعدم قدرته، فبالنتيجة يكون العلم الإجمالي في حقّ الأوّل منجّزاً دون الثاني، وليس هذا نقضاً وإشكالاً عليه .