96/09/13
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: جريان البراءة في الطرف المشكوك أنـّه من المحصور
أو غير المحصور
التنبيه العاشر: ويدور البحث فيه عن حكم العلم الإجمالي بالنظر إلى كون أطرافه من الشبهة المحصورة وغير المحصورة، فهل تنجّزه يكون مطلقاً إلاّ في بعض الموارد الخاصّة، أو لا يكون العلم منجّزاً في غير المحصورة مطلقاً، وأنّ تنجّزه منحصر في المحصورة؟
ذهب صاحب «الكفاية»: (إلى أنـّه إذا عرفت فعليّة التكليف المعلوم، فإنّه لا تفاوت بين أن يكون أطرافه محصورة وأن تكون غير محصورة.
نعم، ربّما يكون كثرة الأطراف في موردٍ موجبة لعسر موافقة القطعيّة باجتناب كلّها أو ارتكابه أو ضرر فيها أو غيرهما ممّا لا يكون بعد التكليف فعليّاً بعثاً أو زجراً فعلاً، وليست بموجبة لذلك في غيره، كما أنّ نفسها ربما تكون موجبة لذلك ولو كانت قليلة في موردٍ آخر، فلابدّ من ملاحظة ذاك الموجب لرفع فعليّة التكليف المعلوم بالإجمال أنـّه يكون أو لا يكون في هذا المورد، أو يكون مع كثرة أطرافه، وملاحظة أنـّه مع أيّة مرتبة من كثرتها كما لا يخفى .
ولو شكّ في عروض الموجب، فالمتّبع هو إطلاق دليل التكليف لو كان، وإلاّ فالبراءة، لأجل الشكّ في التكليف الفعلي، هذا هو حقّ القول في المقام، وما قيل في ضبط المحصور وغيره لا يخلو من الجزاف)، انتهى كلامه[1] .
أقول: البحث في الشبهة غير المحصورة يقع في عدّة اُمور :
الأمر الأوّل: البحث فيها لابدّ أن يلاحظ مع قطع النظر عن انطباق سائر العناوين الموجبة لرفع فعليّة التكليف عنه مثل العُسر والحَرج، والاضطرار، والخروج عن مورد الابتلاء، وأمثال ذلك، لأنّ تحقّق كلّ واحدٍ من هذه الاُمور بنفسه يكفي في رفع الفعليّة أو التنجّز، سواء كان المورد من موارد الشبهة المحصورة أو غير المحصورة، فعدم وجوب مراعاة العلم الإجمالي بواسطة تلك الاُمور غير مرتبط بمسألة كون الشبهة غير محصورة، كما قاله المحقّق العراقي رحمهالله، ثمّ أضاف:
لا يقال: بأنّ كثرة الأطراف ربما تكون ملازماً لانطباق أحد هذه الموانع، خصوصاً العسر والحرج، ولذلك يقال بعدم فعليّة التكليف فيها.
لأنـّا نقول: لو سُلّم ذلك فإنّما يصحّ في مثل الشبهة الغير المحصورة من الواجبات، حيث أنّ الحكم بالإتيان لجميع الأطراف مستلزمٌ للعُسر والحرج، هذا بخلاف المحرّمات حيث إنّ المقصود منها هو مجرّد الترك؛ لأنّ كثيراً ما يتصوّر خلوّ كثرة الأطراف عن الموانع المزبورة، وإن كانت هذه الدعوى مقيّدة لما نشهد في أكثر موارد شبهة غير المحصورة انطباق أحد هذه الموانع، لا أقلّ من كونه خارجاً عن مورد الابتلاء عليه، أو انطباق العسر والحرج عليه في ترك الجميع في المأكل والمشارب.
أقول: لزوم مراعاة التطابق في الواجبات فقط دون المحرّمات كما ورد في كلام المحقّق العراقي قدسسره لا يخلو عن تأمّل، ونجيب عنه:
بأنّ القول بعدم تنجّز العلم في تلك الموارد ليس لأجل كون الشبهة غير محصورة، بل لنا أن نفرض البحث في موردٍ لم ينطبق عليه شيء من تلك العناوين، إلاّ مجرّد كون أطراف الشبهة كثيرة غير محصورة، حيث يأتي البحث عن أنّ ذلك هل يوجب رفع فعليّة التكليف أو رفع تنجّزه أم لا ؟