96/09/11
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: جريان البراءة فيما شكّ في الابتلاء به وعدمه
وعلى ما ذكرناه من الرجوع إلى البراءة في الطرف المقدور عند الشكّ في خروج بعض الأطراف عن تحت القدرة، تقلّ الثمرة بيننا وبين القائل باعتبار الدخول في محلّ الابتلاء في تنجّز العلم الإجمالي، فإنّ غالب موارد ذكرها للخروج عن محلّ الابتلاء يكون من موارد الشكّ في القدرة، فلا يكون العلم الإجمالي منجّزاً، للشكّ في القدرة على ما ذكرناه، أو للخروج عن محلّ الابتلاء على ما ذكره القائل باعتبار الدخول في محلّ الابتلاء، وتنحصر الثمرة بيننا في ما إذا كان جميع الأطراف مقدوراً يقيناً، وكان بعضها خارجاً عن محلّ الابتلاء، فإنّا نقول فيه بالتنجيز، والقائل باعتبار الدخول في محلّ الابتلاء يقول بعدمه.
ثمّ اعترض: بأنـّه كيف تجري هنا البراءة في المقدور أو في محلّ الابتلاء، مع أنّ المتسالم عليه أنّ الشكّ في القدرة لا يكون مورداً للبراءة، بل يجب الفحص لتحقّق الامتثال، أو يحرز عجزه ليكون معذوراً، مثل ما إذا شكّ في قدرته على حفر الأرض لدفن ميّتٍ، أو شكّ في أنّ باب الحمّام مفتوحٌ لغسل الجُنُب، أم قادرٌ على الغسل أم لا، حيث لا يجوز الرجوع إلى البراءة عن وجوب الغسل.
فأجاب عنه: بأنـّه لا يجوز الرجوع إلى البراءة في الشكّ في القدرة فيما إذا علم فوات غرض المولى بالرجوع إليها كما في المثال، لأنّ العلم بالغرض يكون بمنزلة العلم بالتكليف، فبعد العلم بالغرض لابدّ من الفحص بحكم العقل حتّى لا يكون فوته مستنداً إلى تقصيره، فبعد الفحص إن أمكن الامتثال يمتثل، وإلاّ يكون معذوراً، هذا بخلاف ما إذا لم يعلم ذلك كما في المقام، إذ لم يحرز وجود غرض المولى في المقدور أو المبتلى به، فلا يكون في الرجوع إلى البراءة إلاّ احتمال فوات غرض المولى، وهو ليس بمانعٍ، لوجوده في جميع موارد الرجوع إلى البراءة حتّى الشبهات البدويّة .
وبعبارة اُخرى: الفرق بين المثال والمقام أنّ الغرض في المثال معلوم، والقدرة مشكوكٌ فيها، وفي المقام الغرض مشكوك فيه والقدرة معلومة، فكم فرق بينهما)، انتهى كلامه.