درس خارج اصول استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

96/08/10

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: جريان البراءة فيما شكّ في الابتلاء به وعدمه

 

وفيه أوّلاً: إنّ العدليّة تلتزم بمراعاة الملاكات والمناطات الثابتة في الأحكام وأنّ الأوامر والنواهي تابعة لها، فلابدّ من إثبات طريق إليها حتّى يتبيّن الحكم بواسطتها، وهو ليس إلاّ نفس الأمر والنهي اللّذين كانا وسيلة لاستكشاف الملاك، فحينئذٍ كلّ مورد صحّ فيه التكليف، فلا إشكال في استخراج الملاك منه، وما لا يكون كذلك، فلابدّ أن يعلم بأنّ عدم التكليف فيه كان لأجل عدم المقتضي أو الوجود المانع، فإن أحرزنا بكونه من القسم الثاني فلا إشكال في وجود المقتضي، فيصحّ أن يقال بصحّة العمل لتحصيل الغرض والملاك لو فرض عدم اعتناء المكلّف بالمانع لعذرٍ أو عصيان، هذا كما يتّفق في باب المزاحمات مثل الصلاة في المسجد إذا زاحمه إزالة النجاسة عنه، حيث إنّا نعلم بأنّ الصلاة بذاتها محبوبة، غاية الأمر قد زاحمها وقوع النجاسة في المسجد، الموجب لإيجاب الإزالة، فلو عصى المكلّف للأمر الأهمّ عامداً أو تركه سهواً وأتى بالصلاة.

ويمكن أن يقال بصحّة العمل لو لم يأت الإشكال فيه من جهة اُخرى، كما لو قصد القربة لفعلٍ كان منهيّاً عنه، أو قصد ترك أمر واجب ونظائر ذلك، كما أنـّه لو أحرزنا عدم وجود التكليف في مورد لعدم وجود المقتضي، فلا إشكال فيه لعدم وجود الملاك، وعدم صحّة العمل لو أتى به لعدم وجود الأمر ولا المقتضي، فلا وجه للحكم بالصحّة.

وفي مورد ثالث قد لا نعلم بأنّ المورد هل فيه ملاك أم لا، مع فرض عدم وجود التكليف، ففي مثله طريق لإثبات وجوده حتّى يقال بأنّ الملاك حيث كان غير مقيّد بالقدرة من العقليّة والعاديّة فلابدّ من تحصيله فيما يكون التكليف فيه موجوداً، كما هو الحال في المقام حيث إنّا نعلم بوجود الملاك في الإناء الموجود عنده لقدرته على الاجتناب عنه، ونتردّد في الإناء الآخر؛ إمّا لأجل أنـّه لا نعلم هل المقدوريّة العرفيّة شرطٌ في حسن التكليف أم لا؟ أو لأجل كون المورد من الشكّ في كونه مورداً للابتلاء وعدمه، فلا نقطع حينئذٍ بوجود التكليف فيه، فإذاً لا نعلم بوجود الملاك فيه، لأنّ طريق الاستكشاف ليس إلاّ نفس التكليف، وهو غير محرزٍ، والدليل الخارج الذي يدلّ على وجود الملاك فيه مفقودٌ على الفرض، فلا طريق لنا لاستكشاف الملاك والمناط ههنا حتّى يستظهر من وجودهما التنجّز في ناحية الإناء الموجود عنده بواسطة إحراز الملاك فيه، فالشكّ في وجود التكليف في ناحية غير المبتلى مساوٍ للشكّ في وجود الملاك وعدمه، والشكّ في وجود الملاك مساوٍ للشكّ في إمكان القول بوجوب الاجتناب عن الإناء المبتلى بها، وهذا هو المطلوب.

وثانياً: إنّ القول بعدم كون القدرة العقليّة والعرفيّة دخيلة في الملاكات الواقعيّة، بل هي من شرائط حسن الخطاب وصحّة التكليف فقط، رجمٌ بالغيب لعدم اطّلاعنا على الملاكات الواقعيّة والأحكام الحقيقيّة ، فمن المحتمل دخالة القدرة فيها أيضاً،فلا دافع لهذا الاحتمال إلاّ إطلاق الدليل المفقود هنا على الفرض، فما ذكره من الوجه لا يوجب إثبات وجوب الاحتياط للطرف المُبتلى به في الموارد المشكوكة للابتلاء.