درس خارج اصول استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

96/08/09

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: جريان البراءة فيما شكّ في الابتلاء به وعدمه

 

المطلب الثالث: ويدور البحث فيه عند حدوث الشكّ في كون الشيء مورداً للابتلاء وعدمه، وهو يتصوّر بصورتين:

الصورة الاُولى: ما إذا شككنا في أنّ الدخول في محلّ الابتلاء معتبرٌ في صحّة التكليف أم لا، لأجل ما عرفت من اختلاف رأي الفحول في ذلك، حيث قد عرفت ذهاب بعض المحقّقين لكفاية الإمكان الذاتي أو الوقوعي في صحّة الخطاب وحسنه، أو لأجل عدم تضمّن الخطابات للبعث والزجر، وأنـّه عبارة عن نفس الإلزام، فلا يحتاج إلى شرطيّة كون متعلّق التكليف مورداً للابتلاء، وحينئذٍ لو عرض الشكّ للمكلّف في اعتباره وعدمه، فهل المرجع هو الإطلاقات والاجتناب عمّا هو داخلٌ في مورد الابتلاء أم أنّ المرجع هو البراءة وعدم وجوب الاحتياط؟

وقد يكون منشأ الشكّ من جهة الشكّ في مفهوم الابتلاء، حيث لم يبيّن حَدّه على لسان القوم، ممّا يوجب الشكّ ـ بناءً على اعتباره في صحّة التكليف ـ في أنّ الخروج إلى حَدّ كذا ـ مثل البلد المتوسّط ـ هل هو خارجٌ عن مورد الابتلاء لكي لا يصحّ التكليف، أو داخل ويصحّ، فحينئذٍ هل المرجع إلى إطلاقات أدلّة التكليف في المحرّمات والحكم بالتنجّز في طرف المبتلى به أو إلى أصالة البراءة؟

فيه وجهان بل قولان:

القول الأوّل: للشيخ الأنصاري والمحقّق الحائري وتبعه المحقّق النائيني والخوئي والخميني رحمهم‌الله، خلافاً لصاحب «الكفاية» والمحقق الفيروزآبادي وغيرهما، فلا بأس بذكر وجه كلّ من المسلكين.

وأمّا الوجه الأوّل: هو دعوى أنّ الإطلاق هو المرجع ما لم يثبت التقيّد، فلا مجال لجريان الأصل، لأنّ مقتضى الإطلاق وهو قوله: (اجتنب عن الخمر) مثلاً هو العلم بالتكليف الفعلي من جهة العلم بثبوت الملاك، فمع الشكّ في ذلك، أي كونه في مورد الابتلاء وعدمه، أو الشكّ في أنـّه هل هو شرطٌ أم لا؟ وإن يوجب الشكّ في ثبوت التكليف وتحقّق الخطاب، إلاّ أنـّه لمكان العلم بالملاك وما هو المناط لانقداح الإرادة المولويّة، يجري عليه حكم الشكّ في المسقط، لأنّ القدرة سواء كانت عقليّة أو عاديّة ليست من الشرائط التي لها دخل في ثبوت الملاكات النفس الأمريّة، ومناطات الأحكام، بل إنّما هي من شرائط حسن التكليف والخطاب لقبح التكليف واستهجانه عند عدم القدرة، عقليّة كانت أو عاديّة، فالملاك محفوظٌ في كلتا صورتي وجود القدرة وعدمها، والعقل يستقلّ بلزوم رعاية الملاك وعدم تفويته مهما أمكن، إذا كان للمولى حكمٌ على طبيعته، غاية الأمر، أنـّه عند العلم بعدم القدرة على استيفاء الملاك بكلا قسميها يعلم بعدم لزوم رعاية الملاك حينئذٍ، للعلم بأنـّه ليس للمولى على طبيعته حكمٌ، هذا بخلاف الشكّ في القدرة إذ العقل يلزم رعاية الاحتمال تخلّصاً عن الوقوع في مخالفة الواقع، كما هو الشأن في جميع المستقلاّت العقليّة، حيث إنّه للعقل حكمٌ طريقيّ في موارد الشكّ على طبق ما استقلّ به، وليس في شيء من الأحكام العقليّة الحكم بالبراءة عند الشكّ في موضوع حكمه، فلازم هذا الدليل هو الرجوع إلى الاحتياط في ما إذا شكّ في ثبوت القدرة العاديّة، لأنـّه يكون حينئذٍ من قبيل الشكّ في المُسقِط المقتضي للاشتغال لا البراءة.

هذا هو الوجه‌الأوّل‌الذيتصدّى‌لبيانهالمحقّق‌النائيني،وتبعهالمحقّق‌الخوئي.