درس خارج اصول استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

96/08/08

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: البحث عن إمكان جريان البراءة في الشبهات الوجوبيّة

 

نعم، يصحّ إضافة هذا الشرط في الأوامر والنواهي الشخصيّة في الشبهة التحريميّة والوجوبيّة، كما لا يخفى، فحينئذٍ قد يتوهّم من عدم شرطيّة كون متعلّق التكليف في مورد الابتلاء هو لزوم القول بتنجّز التكليف في العلم الإجمالي في ما إذا كان أحد أطرافه خارجاً عن مورد الابتلاء، فلازم ذلك هو الالتزام بوجوب الاجتناب عن الإناء الموجود عنده، المردّد كونه نجساً أو ما كان عند ملك الهند، بل وهكذا فيما لو علم نجاسة ثوبه أو ثوب الذي كان في يد الغير، الخارج عن مورد الابتلاء، والقول بوجوب الاجتناب عن الإناء المردّد في كونه نجساً بوقوع النجاسة فيه أو في الأرض أو على ظهره الخارج عن مورد الابتلاء، بل وجوب الاجتناب عن الإناء الذي كان في أحد طرفي العلم الإجمالي مع إناءٍ آخر يعلم نجاسة مائه قبل هذا العلم الإجمالي تفصيلاً، وغير ذلك من الأمثال والنظائر الذي يكون التكليف بالنسبة إلى هذا الطرف فعليّاً لفعليّة التكليف بالنسبة إلى الطرف الآخر،بواسطة عدم شرطيّة كونه مورداً للابتلاء،مع أنّ المتسالم بين الأصحاب في الجملة هو عدم وجوب الاجتناب في الطرف الموجود،والرجوع فيه إلى البراءة.

بل قد يظهر من كلام الشيخ الأنصاري قدس‌سره في فرائده[1] أنّ هذا الشرط وهو عدم كونه خارجاً عن مورد الابتلاء، وعدم صحّة التكليف في أمثال ذلك إلاّ على نحو التقييد بأنـّه إن أصبح مورداً للابتلاء وجب عليه الاجتناب، وهذا أمرٌ واضحٌ لا لبس فيه، إلى حدٍّ ورد التصريح به في صحيح عليّ بن جعفر عن أخيه عليه‌السلامالواردة: «فيمن رعف فامتخط فصار الدّم قطعاً صغاراً فأصاب إنائه، هل يصلح الوضوء منه؟ فقال عليه‌السلام: إن لم يكن شيءٌ يستبين في الماء فلا بأس، وإن كان شيئاً بيّناً فلا»، حيث استدلّ به شيخ الطائفة قدس‌سره على العفو عمّا لا يُدركه الطرف من الدم، وحَمَلها المشهور على أنّ إصابة الإناء لا يستلزم إصابة الماء.

وبالجملة: فالمراد أنـّه مع‌عدم‌تبيّن شيء فيالماءيحكم‌بطهارته، ومعلوم أنّ ظهر الإناء وباطنه الحاوي للماء من الشبهة المحضة، ممّا يعني أنـّه رحمه‌اللهجعل خارج الإناء ـ سواءً كان ظهره أو الأرض القريبة منه ـ ليس ممّا يبتلي به المكلّف عادةً.

ثمّ أضاف: (بأنـّه لو فرض كون الخارج ممّا يسجد عليه المكلّف، التزمنا وجوب الاجتناب عنها للعلم الإجمالي بالتكليف المردّد بين حرمة الوضوء بالماء النجس وحرمة السجدة على الأرض النجسة) .

والنتيجة: أنّ السبيل للنجاة عن هذه المعضلة، هو ما ذهب إليه الأصحاب من عدم لزوم الاجتناب عن تلك الموارد، مع أنّ مقتضى ظاهر كلامهم بعدم شرطيّة مثل ذلك القيد وهو كونه في مفروض الابتلاء، هو وجوب الاجتناب عن تلك الموارد للطرف الموجود.

أقول: هذا التوهّم غير وجيه؛ لأنّ ما ذهبنا إليه هو عدم شرطيّة ذلك في فعليّة التكليف لا في تنجّزه، لوضوح أنّ ما يصحّ الاحتجاج به عند العقلاء ليس إلاّ ما يمكن للمكلّف فعل ذلك الشيء، فيأمره بتركه، أو ترك ذلك الشيء فينهاه عنه.

وبعبارة اُخرى: ما هو قادرٌ على فعله يصحّ للمولى أن يأمره بالفعل، وكذلك له أن‌يأمره بترك ماهو قادرٌ على تركه، وإمّا ما لا يكون كذلك، لأجل عدم الابتلاء، فلايصحّ أمره ونهيه ولايتنجّز له‌التكليف،فحينئذٍ لايكون العلم الإجمالي مؤثّراً في ناحية اُخرى، لكون الشكّ فيه شكّاً فيالتكليف، فيكون مجرى أصل البراءة،فنحن موافقون مع الأصحاب في ذلك في جميع تلك الموارد، ولا يرد علينا نقض أصلاً؟

 


[1] فرائد الاُصول: 251 ط حجريّة.