96/08/01
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: مدخليّة دخول بعض الأطراف وخروجه عن الابتلاء
التنبيه التاسع: يدور البحث في هذا المقام عن أنـّه هل يعتبر في تنجّز التكليف في أطراف العلم الإجمالي أن لا يكون بعض الأطراف خارجاً عن مورد الابتلاء أم لا ؟
أقول: تنقيح المسألة مع تمام خصوصيّاتها، موقوفٌ على بيان مطالب:
المطلب الأوّل: قد عرفت في صدر المسألة، أنـّه قد استقرّ آراء جُلّ المتأخّرين على أنـّه يتوقّف تنجّز التكليف على المكلّف في العلم الإجمالي ـ مثل ما هو معتبر في العلم التفصيلي ـ على اُمور :
منها: أن يكون المكلّف قادراً على الامتثال، لأنـّه لو لم يكن قادراً لما صَحّ أن يوجّه له الشارع الخطاب، لأنّ الخطاب إلى العاجز أمرٌ قبيح، بل لا ينقدح الإرادة الجدّية في لوح النفس، وهو من الوضوح بمكان لا يكاد ينكره عاقل.
ومنها: أن يكون مورد التكليف مورد الابتلاء نوعاً، بحيث لا يعدّ من المحالات النوعيّة، حتّى لا يكون الزجر عنه لغواً، مثل جعل الحرمة للخمر الواقعة في إحدى الكرات السماويّة التي يعدّ من المحالات العادية ابتلاء المكلّف بها.
والحاصل: أنّ التكاليف إنّما تتوجّه إلى المكلّفين لأجل إيجاد الدّاعي إلى الفعل أو الترك، فما لا يمكن عادةً تركها، لا مجال لتعلّق التكليف به، فالنهي المطلق عن شرب الخمر الموجود في أقصى بلاد الغرب يكون مستهجناً، فإذا كان هذا حال الخطاب التفصيلي، فالإجمالي يكون أوضح منه.
ومنها: أن لا يكون الدواعي عنه مصروفة نوعاً، كالنهي عن عضّ رأس الشجرة أو قمّة المنارة كما مثّل بهما سيّد المحقّقين السيّد محمّد الفشاركي على ما حكاه شيخنا العلاّمة الحائري، فإنّك لا تجد أحداً أحسّ أمراً وعرف يمينه عن يساره يفعل هذا حسب العادة النوعيّة، ويمكن أن نمثّل بمثال آخر مقبول عند العامّة كأن ينهى العاقل صاحب المروّة والشأن عن كشف عورته بين الناس، أو نهي الإنسان النبيه عن أكل القاذورات ونظائر ذلك، ولا يبعد أن يكون مقصودهم من ذكر الشرط في صحّة الخطاب وحسنه بعدم الخروج عن مورد الابتلاء أن يكون المراد هو الأعمّ ممّا لا يمكن صدوره عنه عادةً، أو كان مصروفاً عنه الإنسان، ولا يحصل له الداعي إلى ارتكابه .
وبالجملة: المعيار في ذلك هو استهجان توجيه الخطاب عند العقلاء بالنهي عن مثل أحد الاُمور السابقة.