درس خارج اصول استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

96/07/22

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: البحث عن تأثير الاضطرار في انحلال العلم الإجمالي

 

أقول: لكنّه عدل عنه رحمه‌الله في هامش «الكفاية»، ومالَ إلى ما التزم به القوم من الفرق بين الاضطرار السابق على العلم وما لا يمكن الامتثال، وبين الاضطرار الحادث بعدهما، حيث قال:

إنّ العلم الإجمالي وإن كان كالعلم التفصيلي بأن يكون تنجّز التكليف يدور مدار المنجّز حدوثاً وبقاءاً، والمنجّز ليس إلاّ العلم الإجمالي بالتكليف، لكنّه غير موجود في ناحية المضطرّ إليه لعدم العلم بالتكليف فيه بالوجدان، كما هو الحال كذلك في العلم التفصيلي بعد زواله بالشكّ الساري، حيث يكون التنجيز ساقطاً بزواله، فالعلم الإجمالي لا يكون أقوى في التنجيز من العلم التفصيلي، إلاّ أنّ العلم الإجمالي هنا الذي قد تعلّق بالتكليف المردّد بين المحدود والمطلق باعتبار أنّ التكليف في أحد الطرفين محدودٌ بعروض الاضطرار، وفي الطرف الآخر مطلق، يكون من قبيل تعلّق العلم الإجمالي بالتكليف المردّد بين القصير والطويل، ولا فرق في تنجّز التكليف بالعلم الإجمالي بين أن يكون الطرفان كلاهما قصيرين، أو كلاهما طويلين، أو يكون أحدهما قصيراً والآخر طويلاً، كما إذا علمنا إجمالاً بوجوب دعاءٍ قصير ولو كلمة واحدة ودعاء طويل، فإنّ العلم الإجمالي منجّزٌ فيه بلا إشكال، والمقام من هذا القبيل بعينه، فإنّ الاضطرار حادثٌ بعد التكليف وبعد العلم به على الفرض، فيكون التكليف في الطرف المضطرّ إليه قصيراً ومنتهياً بعروض الاضطرار، وفي الطرف الآخر طويلاً، ولا مانع من تنجّز التكليف المعلوم بالإجمال في مثله.

هذا، ويمكن أنْ نمثّل له بمثال آخر وهو ما لو علم إجمالاً بوجوب صلاة الجمعة ـ التي وقتها إلى صيرورة الظلّ مثل الشاخص ـ أو الظهر الذي وجوبه ثابتٌ إلى الغروب، فلا إشكال حينئذٍ في تنجّز العلم الإجمالي، حتّى لو مضى وقت صلاة الجمعة الذي كان وقتها محدود، كما لا يخفى.

قال المحقّق الخوئي في «مصباح الاُصول»: (الصحيح ما ذكره رحمه‌الله في هامش «الكفاية» من بقاء التنجيز في الطرف غير المضطرّ إليه، لما ذكرناه مراراً من أنّ التنجيز منوط بتعارض الاُصول في أطراف العلم الإجمالي وتساقطهما، والحال في المقام كذلك، فإنّ العلم الإجمالي بثبوت التكليف في الطرف غير المضطرّ إليه في جميع الأزمان أو في الطرف المضطرّ إليه إلى حدوث الاضطرار موجود، وحيث أنّ التكليف المحتمل في أحد الطرفين على تقدير ثبوته إنّما هو في جميع الأزمان، وفي الطرف الآخر على تقدير ثبوته إلى حدوث الاضطرار، فلا محالة يقع التعارض بين جريان الأصل في أحدهما بالنسبة إلى جميع الأزمان، وبين جريانه في الطرف الآخر بالنسبة إلى حدوث الاضطرار، وبعد تساقطهما يكون العلم الإجمالي منجّزاً للتكليف، فانتهاء التكليف في أحد الطرفين بانتهاء أمده لأجل الاضطرار، لا يوجبُ جريان الأصل في الطرف الآخر.

وأمّا ما ذكره صاحب «الكفاية» رحمه‌الله في المتن من: (أنّ التنجيز دائرٌ مدار المنجّز، وهو العلم حدوثاً وبقاءً... إلى آخر ما تقدّم ذكره)، فهو صحيحٌ من حيث الكبرى، إذ لا إشكال في أنّ التنجيز دائرٌ مدار العلم بالتكليف حدوثاً وبقاءً، ولكنّه غير تامّ من حيث الصغرى، من أنـّه لا يبقى علمٌ بالتكليف بعد حدوث الاضطرار، وذلك لأنّ العلم الإجمالي بالتكليف باقٍ بحاله حتّى بعد حدوث الاضطرار، فإنّه يعلم إجمالاً ولو بعد الاضطرار بأنّ التكليف إمّا ثابتٌ في هذا الطرف إلى آخر الأزمان، أو في الطرف الآخر إلى حدوث الاضطرار، فلا وجه لدعوى تبدّل العلم بالشكّ، إنّما يكون ذلك فيما إذا زال العلم بطروّ الشكّ الساري، بلا فرقٍ في ذلك بين العلم التفصيلي والعلم الإجمالي، كما إذا علمنا تفصيلاً بنجاسة هذا الماء المعيّن ثمّ زال العلم وطرأ الشكّ الساري في نجاسته، وكذا إذا علمنا إجمالاً بنجاسة المائين ثمّ طرأ الشكّ الساري في نجاسة أحدهما، واحتملنا طهارة كليهما، وهذا بخلاف المقام، فإنّ العلم الإجمالي باقٍ بحاله، إنّما المرتفع بالاضطرار هو المعلوم لا العلم به، فإنّ التكليف المعلوم بالإجمال على تقدير ثبوته في الطرف المضطرّ إليه قد ارتفع بالاضطرار، والعلم المتعلّق به إجمالاً باقٍ على حاله، كما هو الحال في صورة خروج بعض الأطراف عن محلّ الابتلاء، أو فقدانه أو الإتيان به، فإنّ العلم الإجمالي باقٍ على حاله في جميع هذه الصور، غاية الأمر أنّ المعلوم بالإجمال وهو التكليف محتملُ الارتفاع، لأجل الخروج عن محلّ الابتلاء، أو لأجل الفقدان، أو لأجل الإتيان والامتثال، فيجبُ الاجتناب عن الطرف الآخر لبقاء العلم الإجمالي وتنجّز التكليف به .