درس خارج اصول استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

96/07/17

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: البحث عن تأثير الاضطرار في انحلال العلم الإجمالي

 

وأجاب عنه المحقّق الخوئي: (بأنّ هذا الإشكال غير جارٍ في المقام، لأنـّه ليس مجرى للاستصحاب، ولا لقاعدة الاشتغال، لأنـّهما إنّما يجريان فيما إذا كانت الاُصول في أطراف العلم الإجمالي ساقطة بالمعارضة، كما في الشكّ في بقاء الحدث المردّد بين الأكبر والأصغر بعد الوضوء، فإنّ الأصل في كلّ منهما معارضٌ بالأصل الجاري في الآخر، وبعد تساقطهما يرجع إلى الاستصحاب ويحكم ببقاء الحدث الجامع بين الأكبر والأصغر.

وهذا بخلاف ما إذا كان الأصل جارياً في بعض الأطراف بلا معارض، كما في المقام، فإنّ التكليف في الطرف المضطرّ إليه معلوم الانتفاء بالوجدان، فلا معنى لجريان الأصل فيه وفي الطرف الآخر مشكوك الحدوث، فلا مانع من الرجوع إلى الأصل فيه، فليس لنا علمٌ بالتكليف وشكٌ في سقوطه حتّى نحكم ببقائه للاستصحاب أو لقاعدة الاشتغال، كما في مثال الحدث المردّد بين الأكبر والأصغر؛ لأنّ التكليف في الطرف المضطرّ إليه منفيٌّ بالوجدان، وفي الطرف الآخر مشكوك الحدوث ومنفيٌّ بالتعبّد للأصل الجاري فيه بلا معارض، ومن هنا نقول بأنّ المرجع عند دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر الارتباطيّين هي البراءة، فإنّه مع الإتيان بالأقلّ يشكّ في بقاء التكليف المعلوم بالإجمال، ومع ذلك لا يرجع إلى الاستصحاب، ولا إلى قاعدة الاشتغال، وليس ذلك إلاّ لأنّ منشأ الشكّ في بقاء التكليف احتمال تعلّقه بالأكثر الذي يجري فيه الأصل بلا معارض، فالتكليف بالأقلّ ساقط بالامتثال، والتكليف بالأكثر مشكوك الحدوث من أوّل الأمر، ومنفيٌّ بالتعبّد للأصل الجاري فيه بلا معارض، فلم يبق مجال للرجوع إلى الاستصحاب أو قاعدة الاشتغال)، انتهى كلامه[1] .

أقول: ولا يخفى ما في كلامه من الإشكال:

أوّلاً: أن لوحظ الأمر في الأقلّ والأكثر الارتباطيّين قبل الامتثال بأمر الأقلّ، فالأصل في كليهما معارض؛ لأنّ الأصل عدم وجوب الأقلّ، كما كان الأصل كذلك في الأكثر، وإن فرض بعد الامتثال بالأقلّ، فكما أنّ الأصل في ناحية الأكثر يكون بلا معارض، لسقوط أمر الأوّل بالامتثال قطعاً، فهكذا يكون في الحدث المردّد بين الأصغر والأكبر، لأنـّه قبل الوضوء كان الأصل فيهما جارياً معارضاً، فيسقطان والمرجع إلى استصحاب بقاء التكليف، بل لا يحتاج إليه، لعدم عروض شكٍّ في السقوط، فمقتضى العلم الإجمالي هو العمل بالاحتياط بإتيان كلّ من الغسل والوضوء، وإن كان شكّه بعد الإتيان بالوضوء، فلا إشكال في سقوط أمره إن كان الحدث هو الأصغر، وبقائه إن كان هو الأكبر، فيجري فيه ما ذكره رحمه‌اللهمن أنّ الأقلّ هو الأصغر هنا ساقطٌ بالامتثال قطعاً، والأكبر مشكوكٌ من أوّل الأمر، فيجري فيه الأصل بلا معارض، وعليه فلا يبقى مجالٌ للفرق بين الفرضين.

وثانياً: إنّه لم يبيّن جواب أصل الشبهة، حيث إنّ أثر علم التفصيلي يكون مترتّباً من حين ثبوت أصل التكليف لا من حين الانكشاف، بخلاف المقام حيث لا يحكم بالتنجّز إلاّ بعد العلم، مع أنـّه غير منجّز لأجل وجود الاضطرار.

وعليه، فالأولى في الجواب أن يُقال: إنّه لو فرض في المقام تعلّق علم تفصيلي بوجود التكليف في طرف المضطرّ من أوّل الأمر، فإنّ التنجّز إن رتّب لما مضى فلا معنى له لمضيّ وقته، وعلى فرض صحّته فيترتّب إلى حال الاضطرار لا لما بعده.

وأمّا وجه الحكم بإعادة الصلوات قضاءاً حتّى بعد الاضطرار، فإنّه ليس إلاّ من جهة أنّ فقدان شرطه ـ وهو لزوم أداء الصلاة مع الطهارة إمّا بالماء الطاهر أو بالتيمّم ـ فالاضطرار حينئذٍ غير صادق عليه حتّى يرتفع، بخلاف المقام حيث يصدق الاضطرار في حقّه كما لا يخفى، وعليه فالنقضُ غير وارد هنا .

مع أنّ النجاسة تعدّ من الأحكام الوضعيّة المترتّبة قهراً، لا يؤثّر فيه العلم والجهل، وهذا بخلاف الأحكام التكليفيّة حيث لا يتنجّز إلاّ بعد العلم، والمفروض وجود المانع عنه فيالحال لأجل‌الاضطرار، وعليه فالمسألة واضحة لا ستار فيها.

 


[1] مصباح الاُصول: ج2 / 386.