96/07/16
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: البحث عن تأثير الاضطرار في انحلال العلم الإجمالي
الصورة الثانية: ما إذا كان الاضطرار إلى بعض الأطراف معيّناً، بعد تعلّق التكليف وقبل العلم به، فإنّ حكمه أيضاً كحكم الصورة السابقة؛ لأنّ الملاك إنّما هو العلم بالتكليف الواقع بعد الاضطرار لا التكليف الذي كان قبله؛ لأنّ المانع من جريان الأصل هو العلم الإجمالي بالتكليف لا التكليف بواقعيّته حتّى ولو لم يعلم به المكلّف أصلاً، لأنـّه حين الاضطرار :
إمّا قاطعٌ بعدم التكليف ، فلا يحتاج حينئذٍ إلى إجراء الأصل بل لا يمكن فرض جريانه .
وأمّا شاكٌّ فيه، فلا مانع حينئذٍ من جريانه في الظرفين، لعدم المعارضة، إذ لا علم بالتكليف على الفرض، والعلم الإجمالي الحادث بعد الاضطرار ممّا لا أثر له، لاحتمال وقوع النجاسة في الطرف المضطرّ إليه، ولا يوجبُ ذلك حدوث التكليف فيه لكون الاضطرار رافعاً له .
قد يُقال: إنّ التكليف الواقعي وإن لم يكن مانعاً من جريان الأصل، إلاّ أنـّه بعد العلم به تترتّب عليه آثاره من حين حدوثه لا من حين العلم به، كما هو الحال في العلم التفصيلي، فإنّه لو علمنا بأنّ الماء الذي اغتسلنا به للجنابة قبل اسبوع مثلاً كان نجساً، وجب ترتيب آثار نجاسة الماء من حين نجاسته لا من حين العلم بها، فيجبُ الإتيان بقضاء الصلوات التي أتينا بها مع هذا الغسل، وكذا سائر الآثار المترتّبة شرعاً على نجاسته، وهكذا الأمر في المقام، فلابدّ من ترتيب الآثار من حين التكليف لا من حين انكشافه، وحينئذٍ لمّا كان حدوث التكليف قبل الاضطرار، فلابدّ من اعتبار وجوده قبله ولو كان منكشفاً بعده، وعليه فبعد طروّ الاضطرار نشكّ في سقوط هذا التكليف الثابت قبل الاضطرار، لأجل الاضطرار، لأنـّه لو كان في الطرف المضطرّ إليه فقد سقط بالاضطرار، ولو كان في الطرف الآخر كان باقياً لا محالة، والمرجع حينئذٍ إمّا إلى استصحاب بقاء التكليف أو إلى قاعدة الاشتغال على خلافٍ بيننا وبين المحقّق النائيني رحمهالله، وعلى كلّ تقدير، لا مجال للرجوع إلى أصالة البراءة في الطرف غير المضطرّ إليه .
وبالجملة: بعدالعلمبثبوتالتكليفقبلالاضطرار،والشكّفيإسقاطهله،يُحكم بوجوب الاجتناب عن الطرف الآخر، لأجل الاستصحاب أو لقاعدة الاشتغال.