96/06/14
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: البحث عن تأثير الاضطرار في انحلال العلم الإجمالي
أقول: ولا يخفى أنّ ما ذكره بظاهره يكون في غاية المتانة، ولكن بعد الدقّة والتأمّل يرد عليه:
أوّلاً: إنّ وجه عدم انحلال العلم الإجمالي بالنسبة إلى الوضع، وهو عدم صحّة الوضوء بالخلّ أو الماء النجس، ليس إلاّ من جهة فقدان أصل موضوع الاضطرار بالنسبة إليه، لا كون الاضطرار فيه موجوداً، وبرغم ذلك لا يرتفع الحكم معه، لوضوح أنـّه إذا اضطرّ إلى شرب أحد المائعين، فالذي وقع الاضطرار عليه على الفرض ليس إلاّ الشرب، فلا محالة يدور حكم الانحلال وعدمه مدار حرمة الشرب وعدمه، فلا وجه لكون الشرب مورداً للاضطرار، والبحث في المقام يدور حول أنّ التوضّي هل يصحّ بذلك المائع الذي لم يكن مضطرّاً إلى التوضّي منه؛ لأنـّه إن فرض وجود الاضطرار بالنسبة إليه أيضاً، يعني بأن لا يكون له الماء الذي يصحّ التوضّي منه أصلاً، وينحصر إلى مثل هذا الماء الذي كان حاله كذلك ـ أي كان العلم الإجمالي منجّزاً في حقّه ـ فلا إشكال في أنّ الاضطرار غير صادقٍ عليه؛ لأنّ الدليل قد قام في مثل هذه الموارد إلى وجوب التيمّم بدل الوضوء، فمع وضع البدل له لا يصدق عليه الاضطرار، حتّى نبحث عن ارتفاع العلم الإجمالي وعدمه، وإن كان الماء غير المانع موجوداً له غير الإنائين، فعدم صدق الاضطرار في حقّه أوضح، فجعل مدار البحث إلى أنّ الاضطرار الموجب للانحلال هو الاضطرار المرتفع لجميع الآثار وعدمه بعدمه، لا يخلو عن مسامحة، ولذلك لم ينطق أحدٌ بذلك عدا سيّدنا الخوئي قدسسره، هذا أوّلاً .
وثانياً: أنّ ما ذكره وصرّح به من عدم جواز شرب الحليب فيما إذا اضطرّ إلى شرب أحد المايعين المردّدين بين الماء أو الحليب، وعدم التوضّي من الماء، لا يخلو عن إشكال؛ لأنّ الاضطرار إلى شرب الماء أو الحليب موجودٌ، فإذا قلنا بالانحلال بالنظر إلى حرمة الشرب من جهة الاضطرار، فيكون حينئذٍ شرب الحليب جائزاً، لأنّ الشكّ فيه يعدّ شكّاً بدويّاً، فمجرّد كونه طرفاً للعلم الإجمالي لحرمة شرب الحليب أو عدم جواز التوضّي بالماء لا يوجبُ الحكم بعدم جواز شربه، وأمّا عدم صحّة الوضوء فقد عرفت أنـّه ليس في متعلّق الاضطرار حتّى يحكم برفعه بذلك، بل هو مرتبط بالعلم الإجمالي .