96/02/26
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: البحث عن منجزيّة العلم الإجمالي المردّد بين الأطراف مطلقاً
نعم، هو الأقلّ والأكثر من جهة أنـّه لا يعلم أنّ له تكليفٌ واحد في مجمع أحدٍ بأن يكون الدّمان واقعين في الأبيض حتّى لا يكون له إلاّ تكليف واحد إن كان في الواقع كذلك، أو أصاب أحدهما الأحمر والآخر الأسود ليثبت له تكليفان، لكنّه ليس من قبيل الأقلّ والأكثر الذي كان الأقلّ قدر متيقّناً، لاحتمال كون الأبيض طاهراً في كلا العلمين، فلا محالة يحكم بوجوب الاجتناب عن الجميع بمقتضى العلم الإجمالي، كما في سائر الموارد، حتّى فيما إذا كان تكليفاً واحداً بين الثلاث، فضلاً عن تكليف واحد فيه.
هذا كلّه إذا كان العِلْمان متقاربين زماناً.
وأمّا إذا كان أحدهما سابقاً على الآخر، فقد يُقال:
إنّه لا أثر للعلم الإجمالي اللاّحق، لوروده على ما كان منجّزاً عليه العلم بكونه أحد طرفيه في العلم الإجمالي السابق وهو الإناء الأبيض مثلاً، لأنّ من شرط تأثير العلم الإجمالي هو أن يكون كلّ طرفٍ منه قابلاً للتنجيز من قِبله مستقلاًّ، وبعد عدم قابليّة تكليف واحد للتنجيزين، تكون هذه القابليّة مفقودة في العلم الإجمالي اللاّحق، إذ تنجيز أحد طرفيه بالعلم السابق، يُخرج ذلك الطرف عن قابليّة ا لتنجّز بالعلم اللاّحق مستقلاًّ، وبخروجه يخرجُ العلم الإجمالي عن تمام المؤثّريّة في معلومه، وهو الجامع الإجمالي القابل للانطباق على كلّ طرفٍ، ولازمه عدم تأثيره في الطرف الآخر أيضاً، لرجوع الشكّ فيه إلى الشكّ البدوي، والمرجع فيه إلى البراءة.
وفيه: إنّ ذلك إنّما يتمّ إذا فرض العلم السابق مؤثّراً في التنجيز إلى الأبد، وإلاّ فعلى ما هو التحقيق في كلّ طريقٍ من أنّ منجزيّته منوطة بوجود العلم في ذاك الآن، فلا فرق بين هذا الفرض والفرض الآخر، لأنـّه من حين حدوث العلم اللاّحق يكون حاله بعينه حال صورة تقارن العلمين، فلابدّ فيه أيضاً من الاجتناب عن الأواني الثلاث، لرجوعه إلى العلم الإجمالي بالتكليف المردّد بين تكليفٍ واحدٍ في طرفٍ، أو تكليفين في طرفين آخرين.
أقول: ثمّ إنّه يلحق بما ذكرنا من وجوب رعاية المحتملات في المحصور، ما إذا اشتبه بعض أطراف العلم الإجمالي بغيره، كما لو علم بنجاسة أحد الإنائين، ثمّ اشتبه أحدهما بثالث، فإنّ الواجب حينئذٍ هو الاجتناب عن الثلاثة، لصيرورة الإناء الثالث أيضاً طرفاً للعلم الإجمالي، لكن بتكليفٍ واحدٍ لا بتكليفٍ مردّد بين واحد أو تكليفين كما كان في السابق، ولا فرق في هذا الحكم بين أن يكون حصول الاشتباه للثالث مقروناً في حال الشكّ للطرفين، أو كان لاحقاً له في وجوب الاجتناب، لوحدة الملاك فيهما.