96/02/25
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: البحث عن منجزيّة العلم الإجمالي المردّد بين الأطراف مطلقاً
التنبيه السابع: الظاهر أنـّه لا فرق في وجوب رعاية مدلول العلم الإجمالي بالموافقة القطعيّة وحرمة المخالفة القطعيّة :
بين أن يكون العلم الإجمالي بالتكليف في دائرة واحدة، كما في المثال المعروف وهو ما لو علم بنجاسة أحد الإنائين.
وبين أن يكون العلم الإجمالي بالتكليف في دائرتين، مثل ما إذا علم بوقوع قطرة دمٍ في أحد الإنائين إمّا الإناء الأبيض أو الأحمر، ثمّ مع العلم الإجمالي أيضاً بوقوع قطرة اُخرى منه إمّا في الإناء الأبيض أو الأسود، بحيث يقع الإناء الأبيض طرفاً للعلمين الإجماليّين.
ففي القسم الثاني تجبُ الموافقة القطعيّة وتحرم المخالفة، كما هو الحال كذلك في القسم الأوّل، ولازم ذلك وجوب الاجتناب عن الأواني الثلاث، لرجوع العلمين المزبورين إلى علمٍ إجمالي إمّا بتكليف واحدٍ متعلّق بالإناء الأبيض، أو بتكليفين يكون متعلّق أحدهما الأحمر والآخر الأسود، فإنّ مقتضى ذلك ـ بعد تردّد المعلوم بالإجمال بين الإنائين ـ إنّما هو الاجتناب عن الجميع تحصيلاً لليقين بالفراغ.
وقد يتوهّم: أنّ الواجب هو الاجتناب عن الإنائين منها، وهما الإناء الأبيض الذي هو المجمع، وآخر من الإنائين الباقيين مخيّراً بينهما، بتقريب أنّ مرجع ذلك بعد تقارن العِلمين، واحتمال انطباق المعلوم بالإجمال فيهما على الإناء الأبيض ـ الذي هو المجمع ـ إنّما هو إلى الأقلّ والأكثر، حيث كان الإناء الأبيض من جهة وقوعه طرفاً للعلمين ممّا يعلم بوجوب الاجتناب عنه على كلّ تقدير، غير أنـّه لابدّ من ضمّ إحدى الإنائين الآخرين إليه من جهة ظرفيّته له، وبالاجتناب عنهما يصبح الشكّ بالنسبة إلى الباقي بدويّاً والمرجع حينئذٍ إلى البراءة.
مدفوع: بمنع رجوع الشبهة في المقام إلى الأقلّ والأكثر؛ لأنّ ضابطها كما سيجيء أن يكون ما فُرض كونه أقلاًّ ممّا يعلم بوجوبه أو حرمته على كلّ تقدير، بحيث يكون الأقلّ محفوظاً في ضمن الأكثر ولولا بحدّه كما في العلم باشتغال الذمّة بالدَّين المردّد بين كونه درهماً أو درهمين، كما أنّ ضابط كون الشبهة من المتبائنين هو أن لا يكون هناك شيء متيقّن الوجوب أو الحرمة على كلّ تقدير، بأن كان التكليف المعلوم في البين مردّداً في أصله بين تعلّقه بهذا أو بذلك الآخر، بحيث يستتبع تشكيل قضيّة منفصلة حقيقيّة من الطرفين، فيُقال: إمّا أن يكون الواجب هذا أو ذاك الآخر، ومن الواضح عدم صدق الضابط المزبور هنا، لعدم وجود القدر المتيقّن في المأمور به، والإناء الأبيض الذي فرضناه مجمع العِلْمين لا يُعلم كونه مكلّفاً بالاجتناب عنه على كلّ تقدير، لأنـّه من المحتمل انطباق المعلوم بالإجمال في كلّ من العلمين على غيره من الإنائين الآخرين، وعليه فلا محيص من الاجتناب عن الجميع، لاندراجه في كبرى العلم الإجمالي بالتكليف المردّد بين تكليف واحدٍ في طرف، أو تكليفين في طرف آخر.