درس خارج اصول استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

96/02/24

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: البحث عن شرط التكليف المنجَّز بالعلم الإجمالي

 

أقول: الظاهر هو الثاني لعدم الفرق في الحجّية بين العلم الوجداني بالتكليف أو العلم التعبّدي؛ لأنّ دليل التعبّد بالنيّة يثبت ذلك.

نعم، قد يتوهّم حينئذٍ وقوع التنافي بين التعبّد بنجاسة أحد الكأسين بمقتضى البيّنة، وبين التعبّد بطهارة كلّ منهما بمقتضى الأصل الجاري فيهما.

بتقريب أن يُقال: إنّ مفاد البيّنة لا تكون إلاّ نجاسة أحد الكأسين بهذا العنوان الإجمالي، فلا جرم تجري أصالة الطهارة في كلّ واحدٍ من الكأسين بعنوانهما التفصيلي، لمكان تحقّق موضوعها، وهو الشكّ الوجداني في كلّ واحدٍ منهما، وعدم ارتفاعه لا بالوجدان ولا بالتعبّد، لاختلاف موضوع التعبّد بالنيّة مع موضوع التعبّد بالطهارة في الأصلين، ومع جريان أصالة الطهارة فيهما يقع التنافي بين التعبّد بالنيّة بالنسبة إلى العنوان الإجمالي المعبّر عنه بأحد الكأسين، وبين التعبّد بكلٍّ من الأصلين في كلّ واحدٍ من الأصلين، ولا ترجيح في تقديم التعبّد بالنيّة على التعبّد بالدليل الجاري في الطرفين.

ولا يقاس ذلك بالعلم الوجداني بنجاسة أحد الكأسين؛ لأنّ العلم الإجمالي لمّا كان بنفسه كاشفاً تامّاً عن الواقع، وحجّةً على ثبوت المكلّف في البين، كان مانعاً بحكم العقل عن مجيء الترخيص على خلافه في الأطراف، وهذا بخلاف مثل البيّنة حيث إنّ طريقتها لثبوت التكليف لا يكون ذاتيّاً كالعلم لمكان احتمال الخلاف بالوجدان، وإنّما كان ذلك بمعونة جعلٍ شرعي بالتعبّد بها، ومع فرض التنافيبين قضيّة التعبّد بها وبين‌التعبّد بالأصل الجاري في كلّ واحدٍ من الأطراف، يتوجّه الإشكال في تقديم البيّنة على الأصل الجاري في الأطراف بعد تغاير موضعهما، وعدم اقتضاء البيّنة ولو بدليل اعتبارها لرفع موضوع الأصل .

ولكنّه مندفع أوّلاً: بأنّ حجّية البيّنة تعدّ من قبيل الأمارة بخلاف أصالة الحلّية والطهارة حيث أنّ حجّيتهما من الاُصول العمليّة، والفرق بينهما واضح من حيث أنّ الأمارة كما كانت دلالته المطابقي حجّة، هكذا تكون دلالته الالتزاميّة حجّة، بخلاف الاُصول العمليّة حيث إنّ حجّيتها منحصرة في الدلالة المطابقيّة؛ لأنّ حجّية الدلالة الالتزاميّة في الاُصول مستلزمٌ لصيرورتها أصلاً مثبتاً، وهو غير حجّة.

وثانياً: إنّ تقديم حجّية الأمارة على الاُصول إنّما هو بصورة الحكومة؛ أي دليل الأمارة يكون حاكماً على دليل الاُصول؛ لأنّ لسان دليل الأمارة ناظر إلى الحكم الواقعي وطريقاً إليه ويكون كاشفاً ناقصاً للواقع، وهذا بخلاف الاُصول العمليّة حيث أنّ لسانها هو الجهل عن الواقع والشكّ فيه، ممّا يقتضي أن يتقدّم دليل الأمارة على دليل الاُصول .

إذا عرفت هذا فنقول: إنّه لا شبهة في أنّ مقتضى أصالة الطهارة في الطرفين ـ مع قطع النظر عن قيام البيّنة على نجاسة أحدهما ـ إنّما هو طهارة كلّ واحدٍ من الكأسين بالطهارة المطلقة المجتمعة مع طهارة الكأس الآخر، وأمّا بعد قيام البيّنة على نجاسة أحدهما، فحيث أنـّه يلازم قيامها على ذلك دلالتها على انتفاء تلك الطهارة المطلقة، فشمول دليل اعتبار البيّنة لمدلولها الالتزامي كما عرفت يرفع تلك الطهارة المطلقة الثابتة لكلّ واحدٍ من الطرفين، ولازم ذلك إلغاء التعبّد بالأصلين في كلّ واحدٍ من الطرفين من تلك الناحية، لأجل حكومة دليل التعبّد بالبيّنة على دليل التعبّد بالطهارة فيهما، فبعد قيام البيّنة على نجاسة أحدهما، يوجبُ حدوث شكٍّ آخر في أنّ النجس هل كان في هذا الإناء أو الآخر، بواسطة تحقّق العلم الإجمالي بوجود النجاسة في أحدهما عن طريق قيام البيّنة، فلازم هذا هو وقوع التنافي بين الأصلين الجاريين في الطرفين لإثبات الطهارة، فلا محيص من إجراء قواعد العلم الإجمالي من حرمة المخالفة القطعيّة ووجوب الموافقة القطعيّة، المستلزم للمنع عن جريان الأصل ولو في طرفٍ واحد بلا معارض، فتكون النتيجة هي أن يصبح العلم الإجمالي الثابت بالبيّنة بالنظر إلى وجود النجس في البين، كالعلم الإجمالي الوجداني لوجوده من جهة الآثار المذكورة، وهو المطلوب.