درس خارج اصول استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

96/02/19

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: البحث عن قيام الملازمة بين وجوب الموافقة وحرمة المخالفة وعدمه

 

وثانياً: إنّ ما ذكره من عدم جواز الرجوع إلى العموم لكونه من الشبهة المصداقيّة، فإنّه لو أراد من الشبهة المصداقيّة الشبهة المصداقيّة لنفس العام كما هو ظاهر كلامه، ففيه ما لا يخفى، لأنّ :

المعاملة الواقعة في طرفي النهار أو الشهر تعدّ معاملةً وبيعاً قطعاً وليس خارجاً عن مصداقيّة البيع، ولو فرض كونه حراماً.

وإن أراد منها الشبهة المصداقيّة للمخصّص، يعني بعدما علم تخصيص عموم «أَحَلَّ الله‌ُ الْبَيْعَ» بالمعاملة الربويّة، وصارت هي خارجة عن بيع الحلال، فيشكّ فيما نحن فيه في كلّ منهما إنّه هل هو بيعٌ حلال أو حرام، فهو مسلّم، ولكن جواز التمسّك بعموم العامّ في الشبهة المصداقيّة للمخصّص عندنا مسلّم، فيكون حينئذٍ استدلاله مبنائيّاً، فلنا التمسّك بالعموم لإثبات جواز العقد الواقع في أوّل النهار، لعدم استلزامه محذور المخالفة العمليّة، من دون أن ينافي العلم الإجمالي، لأنـّه المفروض في التدريجيّات، فالحكم بجواز هذا العقد يكون تكليفيّاً ووضعيّاً، بل يكون حال البيع في آخر اليوم والشهر كذلك من ناحية العموم، وعدم تنجّز العلم الإجمالي فيه، إلاّ أنـّه يوجب القطع بحصول المخالفة القطعيّة، فعلى القول بجواز التفكيك بينهما ربما يصح أن يقال بعدم جواز الحكم بصحّة الآخر.

هذا كلّه يكون على الفرض، وإلاّ قد عرفت المختار من أنّ العقل حاكم بتنجّز العلم الإجمالي مطلقاً حتّى في التدريجيّات.

وثالثاً: إنّ وجه الفرق بين الاُصول العمليّة واللّفظيّة ليس من جهة أنّ العلم الإجمالي بالمخصّص مانعٌ عن أن يكون كاشفاً للمراد كما ذكره؛ لأنّ كاشفيّته عن مراد المولى محفوظ ولو بالنسبة إلى أحدهما، غاية الأمر أنـّه لأجل أنّ الاُصول العمليّة تكشف عادةً عن الحكم الظاهري، والمراد منه تطبيق العمل على مؤدّاه ظاهراً ولو كان مخالفاً للواقع، وهذا بخلاف الاُصول اللفظيّة فإنّ حجيّتها ليست إلاّ من جهة أصالة التطابق بين الإرادة الاستعماليّة والجديّة، وهذا الأصل العقلائي إنّما يجري فيما لا يُعلم خلافه، ففي مثل المقام لا يمكن إجراء أصالة العموم في كلّ منهما، للعلم بأنـّه خارجٌ عن عمومه، فلابدّ من الاقتصار بإجراء الأصل في أحدهما وهو البيع الأوّل، وأمّا المعاملة الثانية فلا يمكن الحكم بصحّتها لأجل استلزامه العلم بخلافه والإذن في المعصية، وهذا هو معنى الفرق بين الأصلين، كما هو معنى التفكيك بين الموافقة القطعيّة بعدم وجوبها، والمخالفة القطعيّة بحرمتها.

هذا، ولكن المبنى من رأسه باطلٌ، لما قد عرفت من مانعيّة العلم الإجمالي عن الحكم بصحّة البيع في كلّ منهما، تحصيلاً لامتثال وجوب الموافقة القطعيّة، كما تحرم المخالفة القطعيّة، والله العالم.