96/02/09
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: جريان الأصل النافي للتكليف في المتناسخين
ومن هذا القبيل ما إذا علم إجمالاً ببوليّة أحد المائعين أو تنجّس الآخر بنجاسة عَرَضيّة، فإنّ الأصل الجاري فيما يحتمل نجاسته بالعرض، وإن كان هو الاستصحاب، والأصل الجاري في الطرف الآخر هو أصالة الطهارة، إلاّ أنـّه مع ذلك لا مجال لجريان أصالة الطهارة فيما يحتمل نجاسته العَرَضيّة بعد سقوط الاستصحاب فيه؛ لأنّ العلم بالنجس الموجود في البين مانعٌ عن جعل الطهارة الظاهريّة في الطرفين بأيّ لسانٍ كان، لاستلزامه المخالفة القطعيّة، وكذا في أحدهما للزوم الترجيح بلا مرجّح، هذا كما عن «مصباح الاُصول» [1] .
أقول: وفيه ما لا يخفى :
أوّلاً: أنـّه كيف لم يلاحظ هذا المعنى في أصالة الطهارة والحليّة فيما بين الماء المشكوك النجاسة مع الثوب الذي كان كذلك، مع أنّ احتمال تساوي الأصلين فيه أقوى من المقام، حيث أنّ الأصل في أحدهما ـ وهو النجاسة العرضيّة ـ هو استصحاب الطهارة الذي يعدّ أصلاً حاكماً ومتقدّماً بحسب الرتبة على الأصل الجاري بعده وهو أصالة الحليّة، فكما أنـّه لاحظ هنا حالة التساوي بين الأصلين بمقتضى منجّزيّة العلم الإجمالي، الموجب تركه بالترخيص فيهما إذناً في المعصية، وفي أحدهما ترجيحاً بلا مرجّح، فكذلك يلاحظ المنجزيّة بين الأصلين في المثال السابق بطريقٍ أولى؛ لأنّ حكومة الاستصحاب على قاعدة الطهارة واضحة، بخلاف أصالة الطهارة حيث لا حكومة لها على أصالة الحليّة. ولذا نعتقد أنـّه كان على سيّدنا الاُستاذ رحمهالله أن يلتزم ويصرّح فيما سبق أيضاً.
وثانياً: إنّ ترجيح طرف الأصل المحكوم يكون مع المرجّح، وهو عدم وجود المعارض له.
وثالثاً: كان ينبغي له رحمهالله أن يقول بأنّ مؤدّى أصل الطولي موافقٌ لمؤدّى الأصل الجاري في الطرف المقابل لا في ناحية نفسه كما يظهر من المثال.
ثمّ قال رحمهالله: (وأمّا الصورة الثانية وهي ما إذا كان الأصل الطولي مخالفاً في المؤدّى مع الأصل الجاري في مرتبة سابقة عليه، فيرجع إليه بعد تساقط الاُصول العرضيّة، بلا فرق بين أن تكون الاُصول العرضيّة متماثلة أو متخالفة.
مثال الأوّل: ما إذا علم إجمالاً بزيادة ركوعٍ في صلاة المغرب أو نقصانه في صلاة العشاء، بعد الفراغ عنهما، فقاعدة الفراغ في كلّ من الصلاتين تسقط بالمعارضة، وبعد تساقطهما يرجع إلى استصحاب عدم الإتيان بالركوع المشكوك فيه من صلاة العشاء، فيحكم ببطلانها، واستصحاب عدم الإتيان بالركوع الزائد في صلاة المغرب، ويحكم بصحّتها، ولا يلزم محذور المخالفة العمليّة القطعيّة.
نعم، يلزم المخالفة الالتزاميّة باعتبار العلم بمخالفة أحد الاستصحابين للواقع، وقد عرفت غير مرّة أنّ الموافقة الالتزاميّة غير واجبة.