96/02/02
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: جريان الأصل النافي للتكليف في المتناسخين
هذا، مضافاً إلى ما عرفت منّا في البحث عمّا لو كان الأصل الجاري هو نفي بعض التكليف عن الأطراف مع خلوّه عن المعارض، مثل الإنائين الّذين كان أحدهما المعيّن متيقّن الطهارة سابقاً، حيث يعارض هو مع أصالة الطهارة في الطرف الآخر ويتساقطان ثمّ المرجع إلى أصالة الطهارة في الطرف الذي جرى فيه الاستصحاب، ومع ذلك قد عرفت تسالم الأصحاب على لزوم ترك استعمال ماء كلا الإنائين، وعدم العمل بالأصل النافي غير المعارض، وإن كان الأصل الواقع في الطول من قبيل الأصل الواقع قبله، وقد عرفت أنّ العقلاء والعقل يحكمان بتجويز الارتكاب حتّى لبعض الأطراف، لكن بما أنـّه من قبيل الإذن في المعصية ولو احتمالاً فهو غير جائز، وكذلك الأمر في المقام، فليتأمّل.
وثالثاً: العجب من المحقّق المزبور رحمهالله كيف جعل المثالين المزبورين من الاُمور الفقهيّة مثل ما نحن بصدده، مع وضوح الفرق بينهما؛ لأنّ علم الإنسان بطهارة شيء، في زمانٍ لا يوجب قيام العلم الإجمالي بالنجس، بل غايته هو الشكّ في بقائه نجاسته كالشكّ في بقاء طهارته، فلا إشكال في الحكم بالطهارة بمقتضى أصالة الطهارة، لأنـّه ليس الحكم بطهارته مستلزمٌ للإذن في المعصية، كما هو الحال في المقام، وهكذا الأمر في المثال الثاني وهو العلم بحليّة شيء في زمانٍ وحرمته في زمانٍ آخر، فإجراء أصالة الحليّة فيه وأصالة الطهارة في سابقه لا يكون مشابهاً لأصالة الحليّة في الماء المتنجّس الواقع في أطراف العلم الإجمالي، فقياسهما بما نحن فيه في ذلك قياسٌ مع الفارق، وخالٍ عن الوجه كما لا يخفى، مع ما لا يخفى ما في قوله: (تساقط الاستصحابين)، حيث لم يقل بعدم إجزائهما.
***
الموضوع: جريان الأصل النافي للتكليف في المتناسخين
أمّا القسم الثاني: وهو ما إذا كان الأصل الجاري في كلّ طرفٍ من سنخ الأصل الجاري في الطرف الآخر، مع عدم اختصاص أحدهما بأصل طولي، فلا ينبغي الشكّ في عدم جريان الأصل في شيء منهما على ما تقدّم بيانه.
أقول: وهذا القسم يتحقّق في موردين:
أحدهما: ما إذا لم يكن لشيء من الطرفين أصلٌ طوليّ، كما إذا علمنا بنجاسة أحد الثوبين، فإنّ الأصل الجاري في كلّ منهما مع قطع النظر عن العلم الإجمالي هي أصالة الطهارة، لكنّها تكون ساقطة فيهما.
ثانيهما: ما إذا كان الأصل الطولي مشتركاً فيه بين الطرفين، كما إذا علمنا بنجاسة أحد المائين، فإنّ الأصل الجاري في كلّ منهما ابتداءً هي أصالة الطهارة، وبعد سقوطها تصل النوبة إلى أصالة الحِلّ في الطرفين، والعلم الإجمالي كما يوجبُ تساقط الأصلين الحاكمين، كذلك يوجبُ تساقط الأصلين المحكومين أيضاً بملاكٍ واحد، وهو كون جريان الأصل في الطرفين مستلزماً للترخيص في المعصية، وفي أحدهما ترجيحاً بلا مرجّح،هذا كما في «مصباح الاُصول» .