درس خارج اصول استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

96/01/29

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: شرط جريان الأصل النافي للتكليف في أحد الأطراف

 

التنبيه الثالث: في أنّ الأصل الجاري في أحد طرفي العلم الإجمالي:

1 ـ إمّا أن يكون من سنخ الأصل الذي يجري في الطرف الآخر .

2 ـ أو يكون مغايراً له .

وعلى الأوّل :

1 ـ إمّا أن يكون أحد الطرفين مختصّاً بجريان أصلٍ طولي فيه دون الآخر.

2 ـ أو لا يكون كذلك .

فالأقسام حينئذٍ ثلاثة.

أمّا القسم الأوّل: فهو كون الأصل في الطرفين من سنخٍ واحد، من اختصاص أحدهما بأصلٍ طولي كما إذا علم إجمالاً بوقوع نجاسة في الماء أو على الثوب، فإنّ الأصل في كلّ منهما ـ مع قطع النظر عن العلم الإجمالي ـ هو أصالة الطهارة، فلا إشكال في سقوطها بعدم جريانها في كلّ من الطرفين؛ لأنّ جريانها في كلّ منهما موجبٌ للإذن في المعصية، وفي أحدهما غير المعيّن لا وجه له، لعدم وجود الشكّ فيه، للقطع في طهارته غالباً. مضافاً إلى عدم وجودٍ له في الخارج إلاّ بما ينطبق عليه، وقد عرفت عدم صحّة أحدهما على نحو التخيير أو أحدهما المعيّن دون الآخر لأنـّه ترجيحٌ بلا مرجّح، فلازم ذلك هو الحكم بعدم جواز التوضّئ بهذاالماء، ولا لَبس الثوب في الصلاة.

ولكن قد يُقال: بأنّ العلم بالنجاسة هنا لا أثر له في حرمة لبس الثوب، لأنّ لبسه مع العلم التفصيلي بالنجاسة جائزٌ، فضلاً عن العلم الإجمالي، فيبقى شرب الماء محتمل الحرمة والحليّة، لاحتمال نجاسته، فهل تجري فيه أصالة الحِلّ، أو تسقط بالعلم الإجمالي لسقوط أصالة الطهارة ؟

فيه وجهان:

ذهب المحقّق النائيني رحمه‌الله إلى سقوطها، للمعارضة بالأصل الجاري في الطرف الآخر، وإن كان واحداً، فالتزم رحمه‌الله بعدم جواز شرب الماء في المثال، لعدم المؤمّن من احتمال العقاب عليه .

خلافاً لتلميذه المحقّق الخوئي، حيث قال في «مصباح الاُصول» :

(والتحقيق: جريانها وعدم معارضتها بأصالة الطهارة في الطرف الآخر، وذلك لما عرفت من أنّ العلم الإجمالي بالتكليف لا يوجبُ تنجّز الواقع إلاّ بعد تساقط الاُصول في أطرافه، فإذا كان الأصل الجاري في الطرفين من سنخٍ واحد، كأصاله‌الطهارة في المثال المذكور، فلا مناص من القول بعدم شموله لكلا الطرفين، لاستلزامه الترخيص في المعصية، ولا لأحدهما لأنـّه ترجيحٌ بلا مرجّح.

وأمّا الأصل الطولي المختصّ بأحد الطرفين، فلا مانع من شمول دليله للطرف المختصّ به، إذ لا يلزم منه ترجيحٌ من غير مرجّح، لعدم شمول دليله للطرف الآخر في نفسه .

وبعبارة اُخرى: إنّ دليل أصالة الطهارة بعد العلم بعدم شموله لكلا الطرفين ـ على ما تقدّم بيانه ـ نعلم بتخصيصه، فلابدّ من رفع اليد عنه إمّا في كِلا الطرفين أو في أحدهما، وحيث أنّ الثاني مستلزمٌ للترجيح بلا مرجّح فيتعيّن الأوّل، وأمّا دليل أصالة الحلّ فهو بعمومه لا يشمل إلاّ أحد الطرفين من أوّل الأمر، فلا موجب لرفع اليد عنه، وهذا أحد الموارد التي يرجع فيها إلى الأصل المحكوم بعد سقوط الأصل الحاكم، ونظير ذلك في الفروع الفقهيّة كثير:

منها: ما لو علم بنجاسة شيء في زمانٍ وطهارته في زمان آخر، وشكّ في المتقدّم منهما، فإنّه بعد تساقط‌الاستصحابين بالمعارضة،يرجع إلى قاعدة الطهارة.

ومنها: ما إذا علم حليّة شيءٌ في زمانٍ وحرمته في زمان آخر، وشكّ في المتقدّم منهما، فإنّه بعد تساقط الاستصحابين، يرجع إلى أصالة الحلّ.

إلى غير ذلك من الموارد التي يرجع فيها إلى الأصل المحكوم بعد سقوط الأصل الحاكم)، انتهى محلّ الحاجة[1] .

 


[1] مصباح الاُصول: ج2 / 357.