درس خارج اصول استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

96/01/27

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: اشتراط تنجّز التكليف بالمتعلّق الفعلي وعدمه

 

الصورة الاُولى: أن يكون الزمان فيه مأخوذاً بصورة الظرفيّة المحضة، بلا دخلٍ فيه، لا في التكليف ولا في موضوعه، وهو مثل ما لو علم التاجر أنـّه سيبتلى في هذا الشهر بمعاملة ربويّة ممّا يقتضي أن يجتنب عن كلّ معاملة مشتبهة من المعاملات التي لا يعلم حكمها في تمام هذا الشهر، ومن المعلوم أنّ الزمان غير مأخوذ في التكليف ولا في الملاك ولا في الموضوع، بل إنّما هو ظرفٌ لوقوع العمل في الخارج .

ففي مثل هذه الصورة حيث أنّ التكليف فيه مطلقٌ غير مقيّدٍ ولا مشروطٍ بزمان، فلا إشكال عند العقل والعقلاء من لزوم الامتثال للعلم الإجمالي بالنسبة إلى جميع الأطراف، لجريان جميع ما ذُكر من الأدلّة في الأطراف الواقعة في عرض واحد للأطراف الواقعة في الطول، من جهة لزوم تحصيل ما هو المطلوب للمولى،وتقبيح‌العقل‌الإقدام على معصيته،بلا فرقٍ فيه من تلك الحيثيّة، إذ التكليف بالنسبة إليه منجّزٌ وفعليٌّ مطلق، برغم أنّ وقوعه خارجاً يحتاج إلى مُضيّ الزمان.

نعم، بناءً على عدم التفكيك بين ظرف فعليّة التكليف وظرف فاعليّته الذي هو ظرف المأموريّة،وإرجاع‌الواجب‌المعلّق لأجله إلى‌الواجب‌المشروط‌بزمانه،لابدّ من إلحاق هذه الصورة بالواجب المشروط الذي سيأتي في الصورة الثالثة الإشكال فيه من جهة دلالتها على عدم تعلّق تأثير العلم الإجمالي بالتكليف الفعلي على كلّ تقدير؛ لأنّ التكليف بالنسبة إلى اليوم الذي كان فيه يكون فعليّاً ومنجّزاً دون ما يأتي بالنسبة إلى سائر الأزمنة إلى آخر الشهر؛ لأنّ فعليّته منوطة بوصول شرطه وهو زمانه، إذ فرض مدخليّة الزمان في فعليّته بتكليفه، وحينئذٍ يوجب أن لا يكون التكليف بالنسبة إلى اليوم الحاضر فعليّاً ومنجّزاً أيضاً، لأنـّه يصير من الشبهة البدويّة، لعدم وجود تكليف بالنسبة إلى الطرف الآخر، فلازم ذلك جريان الأصل النافي ـ وهو حديث الرفع والحليّة: «كلّ شيء لك حلال...» ـ في هذا اليوم، كما يجري هذا الأصل في اليوم اللاّحق حال حضوره أيضاً، لعدم فعليّة تكليفه وتنجّزه، وهكذا. فيستلزم جواز المخالفة القطعيّة في التدريجيّات، فلا محيص هنا إلاّ التمسّك باستقلال العقل بقبح الإقدام على ما يؤدّي إلى تفويت مراد المولى وغرضه، ولعلّ وجهه على هذا المبنى إمكان دعوى وجود الملاك في حكم العقل هنا ـ حيث سلّمنا عدم تحقّق التكليف قبل وصول الزمان بالنسبة إلى المستقبل ـ وأمّا على القول بفعليّة أصل الوجوب والتكليف، غاية الأمر اعتبرنا الزمان القادم ظرفاً للواجب لا الوجوب، فحكم العلم الإجمالي بالتنجّز يكون واضحاً كما لايخفى.

الصورة الثانية: هي ما لو كان الزمان فيه مأخوذاً بصورة القيديّة للمكلّف به، كما لو نذر أو حلف على ترك وط‌ء المرأة في ليلة معيّنة، واشتبهت بين ليلتين أو أزيد، حيث يُسمّى بالواجب المُعلّق، فإنّه على القول بإمكان تحقّق التكليف الفعلي بالنسبة إلى ما هو الموجود بالفعل، وبالنسبة إلى الموجود الاستقبالي قبل مجيى‌ء وقته، فيجب حينئذٍ بمقتضى العلم الإجمالي بأصل التكليف الاحتياط بترك الوطي في كلٍّ من اللّيلتين، ولزوم حفظ القدرة فعلاً على الطرف الآخر في ظرفه وموطن قيده، لاقتضاء فعليّة الخطاب حينئذٍ لإحداث الإرادة الغيريّة نحو المقدّمات المفوّتة، حتّى في الموقّتات قبل وقتها، كما هو الشأن في فرض كون الخطاب وجوبيّاً، فإنّه مع العلم الإجمالي بوجوب أحد الأمرين، يحكم العقل بلزوم الإتيان بالطرف الفعلي، مع حفظ القدرة على الطرف الاستقبالي، بلا حاجة لخطاب آخر وهو المسمّى عندهم بمتمّم الإيجاب وبالوجوب التهيّؤي، ولا إلى إتعاب النفس بإثبات أنـّه مع العلم بتحقّق الملاك الملزم فيما بعد، يستقلّ العقل بقبح تفويته.

نعم، إنّما يتّجه ذلك بناءً على إرجاع الواجب المعلّق إلى الواجب المشروط، من جهة القول بعدم التفكيك بين ظرف فعليّة التكليف وظرف المأمور به، فإنّه بعدما لا يكون التكليف بترك الوطي في اللّيلة المتأخّرة فعليّاً في اللّيلة الحاضرة، لخروجه عن القدرة فعلاً، يحتاج في المنع عن جريان الاُصول النافية إلى دعوى استقلال العقل ـ في ظرف العلم بتحقّق الملاك والغرض المُلزِم من المولى ـ بلزوم حفظ القدرة على تحصيله، وقبح الإقدام على ما يوجب فواته، المنتِج في المقام لحكمه بترك الإقتحام في الطرف المعلوم بالتفصيل مع حفظ القدرة على الطرف الآخر في زمانه.

والحاصل: أنـّه فرق بين القول بوجود الخطاب لأصل التكليف والوجوب بالفعل حتّى بالنسبة إلى الأمر الاستقبالي، حيث أنّ لازمه هو الحكم بتنجيز العلم الإجمالي بواسطة تنجّز أصل التكليف بالنسبة إلى الطرف الاستقبالي، وبين القول بعدم فعليّة الخطاب إلاّ بعد حصول القيد والزمان، فلابدّ عند الحكم بتنجيز العلم الإجمالي، وعدم جريان الاُصول النافية من التمسّك باستقلال العقل بذلك، من جهة وجود الملاك فيه من قبح الإقدام على ما يوجب تفويت مطلوب المولى ولو في وقته.