درس خارج اصول استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

96/01/21

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: اشتراط تنجّز العلم الإجمالي بوحدة العنوان وعدمه

 

فأجاب عنه المحقّق العراقي قدس‌سره: (بمنع دخل العلم والإحراز في موضوع الحرمة في طرف الغصب، بل تمام الموضوع لها ـ كما تقتضيه النصوص وكلمات الأصحاب ـ إنّما هو الغصب الواقعي، سواءٌ علم به المكلّف أو جهل، غاية الأمر مع الجهل به يكون المكلّف معذوراً، لمعذوريّته في شرب النجس مع الجهل بالموضوع أو الحكم لا عن تقصيرٍ، وبنائهم على صحّة العبادة مع الجهل بالغصبيّة ولو على الامتناع وتغليب المفسدة، إنّما هو من هذه الجهة، لاشتمال المأتيّ به حينئذٍ على المصلحة وتأثيرها في حسنه الفعلي، ولو من حيث صدوره عن‌الفاعل، بعد عدم تأثير المفسدة الغالبة مع المعذوريّة بالجهل المزبور في المبغوضيّة الفعليّة، ولذلك لا يفرّقون في الحكم بالصحّة والمعذوريّة من جهة العقوبة بين الجهل بالموضوع والجهل بالحكم لا عن تفصير.

وحينئذٍ، فإذا لم يكن قصورٌ في العلم الإجمالي في كشفه عن الإلزام المولوي المردّد في البين، فلا محالة يؤثّر في التنجيز، ولازمه بحكم العقل هو الخروج عن عهدة التكليف بترك التصرّف في كلّ من الإنائين ، وترتيب آثار كلّ من النجاسة والغصب على كلّ منهما تحصيلاً للموافقة القطعيّة لكلا الحكمين)، انتهى كلامه[1] .

أقول: ولكن التأمّل والدقّة يقتضيان الإجابة بصورة اُخرى، وهو أن يُقال:

إنّ جوابه رحمه‌الله عن معذوريّة الجاهل بالحكم لا عن تقصيرٍ وبالموضوع، موجبٌ لعدم عقوبته في الارتكاب من ناحية حكمه التكليفي وهو الحرمة، لأنـّه لا يمكن عقوبته مع الفرض المزبور، وأمّا حكم الوضعي من ناحية صحّة العمل أو بطلانه لا ربط له بتلك الحيثيّة، لأنـّه يصحّ الجمع بينهما، بأن يقال بعدم استحقاقه العقوبة في ارتكابه، إلاّ أنّ العمل يصبح باطلاً مثل شرطيّة الطهارة عن الحدث للصلاة، حيث إنّه لو توضّأ بماء النجس لم يكن عمله الذي قام به حراماً لجهله بنجاسته، إلاّ أنّ وضوئه وصلاته يبطلان لفقدهما شرط الصحّة.

وعليه، فالأولى أن يقال في الجواب: بأنّ بعض الأحكام المترتّبة على الغصب بنفسه يكون مترتّباً على الغصب الواقعي، ولا دخل لعلم المكلّف وجهله فيه، وهو مثل حكم الضمان المترتّب على المال التالف بدون إذن صاحبه، حيث أنّ الإتلاف والتصرّف في المال المغصوب موجبٌ للضمان، سواء علم المكلّف بأنّ تصرّفه كان حراماً أم لا كما لو كان جاهلاً بالموضوع أو بالحكم مع عدم التقصير، وهذا بخلاف بعضٍ آخر من الأحكام، حيث أنـّه مرتّبٌ على الغصب مشروط بعلم المكلّف به، مثل شرطيّة عدم كون الماء للوضوء والغسل مغصوباً، حيث إنّ اشتراط عدم الغصب لا يعدّ من الأحكام المترتّبة على الغصب الواقعي، بل هو مترتّب على ما عُلم أنـّه غصب، بل توقّى من ذلك بعض فقهاءنا كالسيّد في «العروة» وبعض أصحاب التعليق عليها وحكموا بأنـّه لو نسى غصبيّة الماء وتوضّأ، ثمّ علم بذلك، كان وضوئه صحيحاً، وهذا بخلاف الطهارة عن الخبث فإنّ الأمر فيها ليس كذلك، حيث إنّه بعد التذكّر لو نسى وتوضّأ لما كان وضوئه صحيحاً، ممّا يدلّ على أنّ الغصب عندهم أهون من النجاسة، ـ وهذا لا ينافي حكمنا بالاحتياط في حاشيتنا على «العروة» في باب الغصب في فرض النسيان ـ وليس ذلك إلاّ باعتبار أنـّه يعلم بأنّ شرطيّة إباحة الماء أو ما يعتبر في الصلاة ليس إلاّ باعتبار أنّ الممنوع هو الغصب المعلوم لا مطلقاً.

هذا، ولكن لابدّ أن يعلم بأنّ العلم المأخوذ فيه هو الأعمّ من العلم التفصيلي، فيشمل حتّى صورة العلم الإجمالي، يعني لو علم غصبيّة ماء لا بالعلم التفصيلي بل بالعلم الإجمالي، بلا فرقٍ بين كونه معلوماً بنفسه ـ كما لو تردّدت الغصبيّة في الإنائين، حيث كان العنوان شيئاً معيّناً ـ أو كان معلوماً بلحاظ كونه أحد طرفي العلم‌الإجمالي، كما في المقام، حيث يكون المعلوم بالإجمال مردّداً بين العنوانين، لأنـّه يصدق على المغصوب لو كان أنـّه أحد طرفي العلم الإجمالي، فلا يكون بحسب حكم العقل معذوراً في شربه واستعماله في الوضوء والغُسل، فلذلك يجب تحصيل الموافقة القطعيّة، وتحرم المخالفة القطعيّة.

 


[1] نهاية الأفكار: ج3 / 322.