درس خارج اصول استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

96/01/15

بسم الله الرحمن الرحیم

أمّا المحقّق الخميني قدس‌سره: فقد اعترض على نظريّة الشيخ الأنصاري حول كيفيّة جعل البدل، بقوله:

(وهذا بمكان من الغرابة، لعدم ملاك البدليّة في الطرف بوجهٍ، فلو كان الطرف مباحاً فليس في تركه ملاك البدليّة، حتّى يكون بدلاً عنه، وأسوء منه لو كان الطرف مستحبّاً في الشبهة التحريميّة، أو مكروهاً في الشبهة الوجوبيّة، وليس لترخيص الشارع سببيّة لحصول الملاك لا سيّما بالنسبة إلى الطرف الآخر.

والتحقيق: أنّ‌الترخيص‌على_'feفرضه‌إنّماهولمصلحه‌التسهيل‌أومفسده‌التضييق، من غير تغيير في الواقعيّات بوجه، فهو راجعٌ إلى الغمض عن التكليف الواقعي على بعض الفروض لأغراض أهمّ من حفظ الواقع في هذا الحال)، انتهى كلامه[1] .

أقول: الإنصاف هو ما عرفت من عدم تجويز الإذن من الشارع بواسطة الأدلّة الترخيصيّة، لما قد عرفت من أنّ مقتضاه إذا كان شمول الحكم لكلّ واحدٍ منهما، كان ذلك غير جائزٍ، وإن كان لواحدٍ منهما دون الآخر تعيّناً كان ذلك ترجيحاً بلا مرجّح، وفرض التخيير وإن كان ممكناً بالذات، إلاّ أنـّه قد عرفت كونه قبيحاً عند العقلاء في صورة المصادفة، مع أنّ التخيير هنا ليس من مفاد الدليل ولا المدلول، بل لو فرضنا لابديّة وجوده كان بحكم العقل أو بدليلٍ آخر مخصوص، فلو كان وجد ذلك من ناحية الشارع، لزم أن يكتفي الشارع عن الواقع بالآخر، حيث لم يأذن في الجميع، مع احتمال كون المأذون فيه هو الواقع، فلا يكون حينئذٍ معنى البدليّة في كلام الشيخ رحمه‌الله إلاّ هذا المعنى، أي صيرورة الآخر حينئذٍ بدلاً قهريّاً لا بجعلٍ مستقلّ من ناحية الشارع كما توهّم. ولذلك قال المحقّق النائيني:

(وإلى ذلك يرجع ما تكرّر في كلمات الشيخ قدس‌سره من إمكان جعل بعض الأطراف بدلاً عن الواقع، فإنّه ليس المراد منه تنصيص الشارع بالبدليّة، بل نفس الإذن في البعض يستلزم بدليّة الآخر قهراً)، انتهى كلامه[2] .

وحيث قد عرفت من ما مضى من المباحث أنّ العلم الإجمالي كالعلم التفصيلي علّة تامّة لوجوب الموافقة القطعيّة، كما كان علّة تامّة لحرمة المخالفة القطعيّة، ولأجل ذلك لا يجوز عند العقلاء والعقل تجويز مخالفته القطعيّة والاحتماليّة بارتكاب بعض الأطراف، فيما يحتمل الحرمة، وترك فعل بعضٍ فيما يحتمل الوجوب، بلا فرقٍ بين كون الأصل الجاري في كلّ واحدٍ منهما هو الأصل المُثبِت للتكليف ـ مثل الإنائين اللّذين كانا قبل ذلك متيقّن النجاسة، فعلم طهارة أحدهما ولم يُعلم أيّهما هو، حيث إنّ استصحاب النجاسة فيهما يوجُب إثبات التكليف في كلّ منهما ـ وبين كونه أصلاً نافياً له، مثل الإنائين إلاّ أنـّه كان أحدهما المعيّن في السابق متعيّناً للطهارة، حيث أنّ استصحاب طهارته يوجُب نفي التكليف عنه، بخلاف الإناء الآخر حيث لا يعلم حالته السابقة، بل علم إجمالاً بحسب الحال نجاسة أحدهما، حيث أنّ الأصل الجاري في المتيقّن للطهارة هو إثبات طهارته ونفي التكليف عنه.

 


[1] تهذيب الاُصول: ج2 / 329.
[2] فوائد الاُصول: ج4 / 35.