درس خارج اصول استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

96/01/14

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: نظريّة الشيخ رحمه‌الله حول الترخيص في ارتكاب أطراف العلم الإجمالي

 

وإن اُريد به جواز الاكتفاء بالطرف الآخر، مع الشكّ في مصداقيّته للمأمور به، لمحض الإذن فيارتكاب بعض الأطراف،نظراً إلى حصول المؤمّن وهو الإذن، كما يظهر ذلك من التزام هذا القائل في ذيل كلامه: (بأنّ الأصل النافي للتكليف في بعض الأطراف إذا كان بلا معارض موجبٌ للتأمين في الطرف الذي يجري فيه، ولو لم يقم دليلٌ على كون الطرف الآخر بدلاً ومصداقاً للمعلوم بالإجمال، ولا كان فيه أصلٌ مثبتٌ للتكليف من غير ناحية العلم).

فيتوجّه عليه: ما ذكرنا من لزوم جواز الاكتفاء بالموافقة الاحتماليّة في مورد العلم التفصيلي بالتكليف أيضاً، بإجراء مثل حديث الرفع ونحوه عند الشكّ في تحقّق شرطه أو جزئه، لكونه موجباً للتأمين على ترك الموافقة المشكوكة، أو المخالفة غير المعلومة، ومانعاً عن حكم العقل بعدم جواز الاكتفاء بمشكوك الفراغ.

وبما ذكرنا يظهر أنـّه لا مجال لمقايسة الاُصول المرخّصة بالأمارات النافية القائمة على نفي التكليف في طرف خاص، حيث أنّ جواز الأخذ بالأمارة النافية إنّما هو من جهة مثبتيّة الأمارة بمدلولها الإلزامي، لتعيّن المعلوم بالإجمال في الطرف الآخر، الموجب لكونه مصداقاً جعليّاً للمأمور به في مقام تفريغ الذمّة، فإنّ دليل الحجّية كما يشمل ظهورها في المدلول المطابقي، كذلك يشمل ظهورها في المدلول الإلتزامي، وهذا بخلاف الاُصول المرخّصة أو النافية للتكليف، إذا فرض جريانها في بعض أطراف العلم بلا معارض، فإنّه ليس لها مثل هذه الدلالة؛ لأنّ غاية ما تقتضيه تلك الاُصول، إنّما هو البناء على الحليّة والترخيص في الارتكاب في الطرف المأذون فيه، وأمّا اقتضائها للبناء على كون المعلوم بالإجمال هو المشتبه الآخر فلا.

نعم، لازم البناء على الحليّة في طرفٍ مع العلم الإجمالي بحرمة أحد الأمرين، هو البناء على كون الحرام المعلوم في الطرف الآخر غير المأذون فيه، ولكن الأخذ بمثل هذا البناء مبنيٌّ على حجّية المثبت، بدعوى شمول إطلاق التنزيل لمثل هذه اللّوازم العقليّة أو العاديّة، ولكن ذلك ـ مع أنـّه مخصوص بالاُصول التنزيليّة، لا في مثل حديث الحَجْب والرفع ودليل الحليّة على أحد الوجهين ـ خلاف على ما هو التحقيق من عدم حجّية مثبتات الاُصول، فلا مجال لجريانها في طرف العلم بلاثبوتِ جعلِ‌بدلٍ من‌الخارج،وإن‌فرض‌كونهابلامعارض)،انتهى_'feمحلّ‌الحاجة[1] .

أقول: ونحن نضيف إلى كلامه رحمه‌الله:

بأنّ المورد ليس من قبيل جريان الأصل النافي للتكليف بلا معارض، لأنّ كلّ واحدٍ من الطرفين كان صالحاً لشمول الأصل له، فحينئذٍ لابدّ في إثبات جعل البدليّة في كلّ واحدٍ منهما من إثبات التخيير أوّلاً في الارتكاب، ثمّ بعد ذلك يصبح ما ارتكبه موجباً لجعل البدليّة في الآخر. وعليه، فإذا ثبت الإشكال في أصل التخيير في أدلّة الاُصول، فلا يبقى للبحث عن جعل البدليّة موردٌ.

نعم، لو قام دليلٌ بالخصوص يدلّ على تجويز ارتكاب أحد الطرفين، وجعل الآخر بدلاً عن الواقع، صحّ البحث حينئذٍ عن المراد من البدليّة بالاحتمالين اللّذين ذكرهما المحقّق المذكور قدس‌سره والمفروض فقدانه.

 


[1] نهاية الأفكار: ج3 / 313.