95/12/22
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: نظريّة المحقّق النائيني حول نفي التخيير
وأيضاً أورد المحقّق الخميني : على تخييره الثاني الذي ذكره في المتزاحمين،بقوله:
(كونه في مدلولي الدليلين لا من ناحية الدليل، فإنّ التخيير هنا من مقتضى الدليل، ضرورة أنّ المجعول في المتزاحمين هو التعيين، لتعلّق الإرادة بكلّ واحدٍ كذلك، غير أنّ عجز العبد عن القيام بكلتا الوظيفتين أوجب حكم العقل بالتخيير، لملاحظة أنّ العام له إطلاقٌ أحوالي، وكون المكلّف عاجزاً عن القيام بكلا المتزاحمين يوجبُ الاقتصار على القدر المتيقّن في التصرّف فيه .
وعليه، فالتخيير نشأ من إطلاق الدليل، وعدم الدليل على التصرّف فيه إلاّ بمقدارٍ يحكم العقل بامتناع العمل بالعام، وهو الأخذ بالإطلاق الأحوالي في كلا الفردين، فلابدّ من التصرّف فيه من تلك الجهة)، انتهى كلامه.
أقول: ويرد على استدلاله:
أوّلاً: إنّ هذا الجواب لا يتّفق مع ما التزم به المحقّقالخميني، كما لا يتّفق مع ما التزمنا به في مبحث العام، من أنّ الأحكام المتعلّقة بالعمومات لم تتعلّق إلاّ بذات العنوان المنطبق على الأفراد، من دون ملاحظة حال الإطلاق للأفراد بالنظر إلى القيود؛ لأنّ الإطلاق يعدّ من الاُمور التي لابدّ من لحاظها في مقام الجعل كالقيود، ولذلك نقول بأنّ الإطلاقات قد ترد لأصل المشروعيّة من دون لحاظ حال الإطلاق فيها، فلا يجوز الأخذ بإطلاقها إلاّ بعد إحراز أنـّها واردة كذلك، ففي قول القائل: أكرم العلماء، ليس الحكم إلاّ وجوب إكرام أفراد العلماء؛ إمّا كونه مطلقاً أو في حالٍ معيّن دون حال آخر ممّا يعني أنّ الحال غير ملاحظ في إطلاق الدليل، بل هو أمرٌ خارجٌ عنه يفهمه العقل من جهة كون الموضوع أمراً طبيعيّاً، ولذلك لا حاجة أن يقول القائل أكرم كلّ فردٍ فرد سواء أكرمت غيره أم لم تكرمه، بل هو أمرٌ خارج عن مدلول الدليل فلا ينتسب إليه .
نعم، يكون هذا الجواب متيناً على مبنى المحقّق النائيني حيث التزم بأنّ شمول الحكم لعموم الأفراد مستفاد من مدلول إطلاق الدليل .
وثانياً: أنّ المنصرف من إطلاق كلّ من الدليلين ليس إلاّ الفعل، لعدم قدرة المكلّف على الجمع بينهما في مقام الامتثال، والقدر المتيقّن من التصرّف وليس إلاّ لزوم امتثال كلّ مع ترك الآخر، ورفع اليد عن إطلاق الدليل من حيث الأحوال، فحينئذٍ يحكم العقل بالتخيير لعدم وجود مرجّح لأحدهما، فالتخيير لم يحصل إلاّ من جهة حكم العقل بالتصرّف ولزوم الأخذ بأحدهما، ولا علاقة لهذا الحكم العقلي بمدلول الدليل، فهو حكمٌ ثابت برغم وجود الدليل، ففي قول القائل: لا تكرم زيداً) المردّد بين شخصين يكون الحكم فيه عقليّاً، وعليه فإسناد التخيير إلى الدليل أو المدلول كما عن المحقّقين لا يخلو عن مسامحة.