95/12/21
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: نظريّة المحقّق النائيني حول نفي التخيير
قال المحقّق الخميني: في معرض ردّه على التخيير الأوّل: المستفاد من ناحية الدليل والكاشف، لا المدلول والمنكشف والمورد؛ بأنـّه :
(لو كان المجعول في المخصّص وهو لا تكرم زيداً وعمرواً، وعلمنا بالخروج لهما تعييناً، لم يبق مجالٌ للشكّ، لأنّ المفروض خروجهما تعييناً، فلا مناص إلاّ أن يقال: إنّ الباعث للشكّ هو احتمال كون المجعول في المخصّص أمراً ينطبق على التخيير، بأن يتردّد المجعول بين خروج كلّ فردٍ مستقلاًّ، أو خروج كلّ واحدٍ مشروطاً بعدم خروج الآخر على مبناه في الواجب التخييري، وبما أنّ العام حجّة في أفراد العام وأحواله، فلازم ذلك الاكتفاء بالقدر المتيقّن، وهو خروج كلّ عند عدم خروج الآخر.
والحاصل: أنّ الموجب للتخيير إنّما هو دوران الأمر في المخصّص بين التعيين والتخيير؛ أي خروج الفردين مطلقاً، أو خروج كلّ مشروطاً بعدم خروج الآخر، والثاني هو القدر المتيقّن من التصرّف في العام.
نعم، لو علمنا بخروج زيد وتردّد بين كونه زيد بن عمرو أو زيد بن بكر نحكم بالتخيير، لا من جهة الكاشف ولا المنكشف، بل من جهة حكم العقل به).
أقول: ولا يخفى ما في كلامهما من الإشكال، إذ التخيير المستفاد من العامّ والخاصّ ليس من ناحية الدليل ولا المدلول، بل هو مقتضى الأصل، لأنّ دليل كلّ من العام والخاص حكمهما ليس إلاّ حكماً تعيينيّاً، وهو إخراج زيد وعمرو في اللّفظ، غاية الأمر لا يعلم مراد المولى لبّاً، لوضوح أنـّه لولا الدليل العام لكان الدليل الخاص بنفسه حكماً مستقلاًّ، وهو عدم جواز إكرامهما، غاية الأمر إذا لوحظ مع الدليل العام حكم بالتخصيص، وتردّد في مقدار الخروج، فحيث كان الشكّ في كثرة التخصيص وقلّته أوجب ذلك الحكم بأصالة عدم التخصيص، ممّا يقتضي الاكتفاء بالأقلّ، ويقال إنّ المجعول هو الفرد الواحد تعبّداً بمقتضى الأصل، لا بمقتضى دلالة الدليل الخاص لذلك، حتّى يقال بأنّ التخيير ثابت بالدليل، ولا كون المجعول في الواقع واللبّ هو هذا، لإمكان كون الأصل هنا خاطئاً، فيحكم بذلك بواسطة حجّية الأصل عند العقلاء، فيحكم بالتخيير بحسب مقتضى حكم الفعل، بأنـّه إذا لم يخرج من العام إلاّ أحدهما، فلابدّ من القول بالتخيير، لعدم المرجّح في البين، وقبح الترجيح بلا مرجّح، فالتخيير هنا لا يكون من الدليل والكاشف، ولا المدلول والمنكشف، بل يكون بواسطة الأصل وحكم العقل كما ارتضاه رحمهالله في مثل المثال الذي ذكره من إخراج زيد عن حكم الإكرام، ولا يعلم أنـّه زيد بن عمرو أو زيد بن بكر، حيث لا يكون مقتضى الدليل إلاّ حكماً تعيينيّاً، وهو إخراج زيد، وهو لا يحكم بالتخيير، بل الحاكم هو العقل، وذلك عند التردّد وعدم وجود المرجّح لأحدهما بالخصوص، كما لا يخفى .