95/12/18
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: نظريّة المحقّق النائيني حول نفي التخيير
قال المحقّق النائيني: في معرض استدلاله على نفي التخيير في المقام بتقريرٍ آخر، ممّا لا يخلو عن إشكال، وإليك خلاصته:
(إنّ موارد التخيير فيما لا دليل عليه بالخصوص الذي يُسمّى بالتخيير الشرعي يكون على قسمين:
تارةً: يكون التخيير حاصلاً من اقتضاء الدليل الدالّ على الحكم، مثل ما إذا ورد عامٌ كأكرم العلماء، وعلم بخروج زيدٍ وعمرو عنه، وشكّ في أنّ خروجهما كان بالإطلاق أو مشروطاً بحال إكرام الآخر، بحيث يلزم من خروج أحدهما دخول الآخر، فيدور الأمر بين كون المخصّص أفراديّاً وأحواليّاً، أو أحواليّاً فقط، فلابدّ عند القول بالتخيير من الاقتصار على القدر المتيقّن في إكرام أحدهما، لأنّ هذا التخيير نشأ من ناحية الدليل لا المدلول؛ لأنّ مقتضى المجعول له كلّ من العام والخاص، وهو حكمٌ تعييني.
واُخرى: يكون التخيير حاصلاً من المدلول لا الدليل، مثل التخيير في المتزاحمين الذين لا قدرة للمكلّف على الجمع بينهما، فحينئذٍ يدلّ الدليل على وجوب التخيير لاعتبار القدرة في امتثالهما، فالعقل يحكم ويستقلّ حينئذٍ بصرف القدرة في أحدهما تخييراً؛ إمّا لأجل تقييد كلّ تكليفٍ بعدم امتثال الآخر، وإمّا لأجل سقوطهما واستكشاف الفعل حكماً تخييريّاً لوجود الملاك التامّ.
وأمّا الاُصول فلا شاهد على التخيير فيها إذا تعارضت، لا من ناحية الدليل؛ لأنّ مفاد كلّ أصلٍ هو جريانه عيناً، سواء عارضه أصل آخر أم لا، ولا من ناحية المدلول، لأنّ المجعول فيها ليس إلاّ الحكم بتطبيق العمل على مؤدّى الأصل مع انحفاظ رتبة الحكم باجتماع القيود الثلاثة، وهي: الجهل بالواقع، وإمكان الحكم على المؤدّى بأنـّهالواقع،وعدم لزومالمخالفهالعمليّة، وحيث يفقد شرط الثالث في إجراء الاُصول فيأطرافالعلمالإجمالي،فلايمكن جعلهما جميعاً،وكون المجعول أحدهما تخييراً وإن كان ممكناً، إلاّ أنـّه لا دليل عليه)، انتهى خلاصة كلامه[1] .