درس خارج اصول استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

95/12/16

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: الوجوه الدالّة على جواز جريان البراءة في أطراف العلم الإجمالي

 

ثمّ قال رحمه‌الله: إذا عرفت هذا فنقول:

إنّ الأدلّة المرخصّة هنا وإن اختصّ حكمها بغير صورة العلم الإجمالي بحكم العقل الحاكم بقبح الإذن في المعصية، إلاّ أنّ اقتضاء كلّ مشكوك للإباحة يستكشف من إطلاق المادّة ، وبعد تعذّر الجري على مقتضى كلٍّ من الأطراف يُستكشف أنّ البعض‌على_'feسبيل‌التخيير مرخّصٌ فيه،حيث لاترجيح‌للبعض المعيّن.

هذا ما ذكره قدس‌سره عن المستدلّ في الوجه الثاني .

وأجاب قدس‌سره عنه بقوله: وفيه أنّ هذا الحكم من العقل إنّما يكون فيما يُقطع بأنّ الجري على طبق أحد الاقتضائين لا مانع فيه، كما في مثال الغريقين، وأمّا فيما نحن فيه فكما أنّ الشكّ يقتضي الترخيص، كذلك العلم الإجمالي يقتضي الاحتياط، ولعلّ اقتضاء العلم يكون أقوى في نظر الشارع، فلا وجه لقطع العقل بالترخيص) انتهى كلامه.

هذا، وقد أضاف إليه المحقّق الآراكي في «حاشيته» بقوله:

(فإن قلت: كما أنـّه يقتضي الاحتياط فالشكّ يقتضي ضدّه ولا مرجّح في البين فلا موجب للاشتغال .

قلت: يكفي في الاشتغال احتمال رجحان مقتضى الاحتياط واقعاً، لأنـّه مساوقٌ مع احتمال صحّة العقوبة كالشبهة البدويّة قبل الفحص) انتهى كلامه[1] .

أقول: الأدلّة المرخّصة إذا اختصّت بالشبهة البدويّة، فلا تشمل منذ البداية الشبهة في أطراف العلم الإجمالي، فلا وجه للقول بوجود الملاك في المشكوك والمشتبه في أطرافه؛ لأنّ الملاك لا يُستكشف إلاّ بوجود الحكم والخطاب بالذات لولا المزاحمة.

وإن أراد أنّ الأدلّة المرخّصة تشملها بعمومها، ولكن يختصّ بواسطة حكم العقل بقبح الإذن في المعصية، وهو منوط على إثبات أنّ الإذن في أحدهما هو إذنٌ في المعصية أم لا، بخلاف الإذن في كليهما، وصدق الإذن في المعصية في أحدهما لابدّ وأن يكون:

إمّا فيما يعلم بوجود الحكم الواقعي فيه.

أو يُقال بأنّ العقلاء فيما قامت الحجّة على وجود الحرام فيه يحكمون بالاجتناب عنهما، ويحسبون الإذن فيهما إذناً في المعصية.

كان لما ذكره وجه، أي لا يمكن إحراز وجود الملاك فيما نحن فيه، بخلاف ما في صورة إنقاذ الغريق، فالمرجع في الوجه الثاني يكون إلى ما ذكرناه في الوجه الأوّل في مقام الإشكال .

الوجه الثالث: من الوجوه، هو الذي أفاده بعض محشّي «الفرائد» وأوضحه جماعة من المشايخ، منهم شيخنا العلاّمة الحائري، والمحقق النائيني رحمهماالله، وإليك خلاصة كلامهما على ما لخّصه المحقّق الخميني بقوله:

(إنّ نسبة أدلّة الاُصول إلى كلّ واحدٍ من الأطراف وإن كانت على حدٍّ سواء، لكن لا يقتضي ذلك سقوطها عن جميع الأطراف .

توضيحه: إنّ الأدلّة المرخّصة كما يكون لها عمومٌ أفرادي بالنسبة إلى كلّ مشتبه، كذلك يكون لها إطلاقٌ أحوالي بالنسبة إلى حالات المشتبه، فكلّ مشتبه مأذونٌ فيه، أتى المكلّف بالآخر أو تركه، وإنّما يقع التزاحم بين إطلاقهما لا أصلهما، فإنّ الترخيص في كلّ واحدٍ منهما في حال ترك الآخر ممّا لا مانع منه، فالمخالفة العمليّة إنّما نشأت من إطلاق الحجّية، فلابدّ من رفع اليد عن إطلاقهما لا أصلهما، فتصير النتيجة الإذن في كلّ واحدٍ منهما مشروطاً بترك الآخر، وهذا مساوقٌ للترخيص التخييري، وهذا نظير باب التزاحم وحجيّة الأمارات على السببيّة)، انتهى كلامه[2] .

 


[1] الدرر وحاشيته: ج2 / 459.
[2] تهذيب الاُصول: ج2 / 324.