درس خارج اصول استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

95/12/15

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: الوجوه الدالّة على جواز جريان البراءة في أطراف العلم الإجمالي

 

الوجه الأوّل: ما ذكره المحقّق الحائري رحمه‌الله في «الدرر» حيث يقول: (إنّ مقتضى عموم الأدلّة الترخيص في كلّ من الأطراف، غاية ما هنا وجوب التخصيص بحكم العقل بمقدارٍ لا يلزم منه الإذن في المعصية، وحيثُ لا ترجيح لإخراج واحدٍ معيّن من عموم الأدلّة، نحكم بخروج البعض لا بعينه، وبقاء الباقي كذلك، حفظاً لأصالة العموم فيما لم يدلّ على التخصيص)[1] .

ثمّ أورد عليه نفسه رحمه‌الله بقوله:

(وفيه: إنّ البعض الغير المعيّن لا يكون موضوعاً للعام من أوّل الأمر، حتّى يحفظ لعموم بالنسبة إليه ؛ لأنّ موضوعه هو المعيّنات، فالحكم بالترخيص في البعض المبهم يحتاج إلى دليلٍ آخر)، انتهى كلامه.

هذا ويبدو أنّ المحقّق الخميني رحمه‌الله قبل هذا الوجه وما بعده حيث ذكرهما في «تهذيب الاُصول» دون أن يرد عليهما .

أقول: ظاهر كلام المستدلّ ـ على حسب نقله الشريف في آخر كلامه ـ يوجب ورود الإشكال عليه بما قال، باعتبار أنـّه لا عموم للدليل للبعض غير المعيّن حتّى يمكن التمسّك في حقّه بأصالة العموم.

نعم، ولكن يصحّ أن نتمسّك بتقريرٍ آخر تعطينا نفس هذه النتيجة، وهو :

إنّ مقتضى الجمع بين مدلولي الدليلين ـ من دليل العام، حيث يحكم بالترخيص لكلّ واحدٍ من الطرفين، ودليل حكم العقل بعدم تجوّز الترخيص لكليهما، لكونه إذناً في المعصية ـ هو تجويز أحدهما غير المعيّن، حيث لا يدلّ شيء منهما على تعيين الترخيص وعدمه في واحدٍ من الطرفين معيّناً، فلازم الجمع بينهما هو التخيير في ترك البعض وإتيان الآخر، وحينئذٍ لا يرد عليه ما ذكره من عدم دلالة العام للبعض غير المعيّن كما لا يخفى .

هذا، ولكن الإشكال في أصل الاستدلال في باب التخيير، كما سنشير إليه في آخر البحث، فانتظر حتّى يأتيك اليقين.

الوجه الثاني: أن يقال إنّ الدليل اللّفظي وإن لم يدلّ على الترخيص في البعض الغير المعيّن، إلاّ أنـّه يمكن استكشاف هذا الترخيص من الدليل اللّفظي بضميمة حكم العقل.

وبيانه: أنّ القضيّة المشتملة على حكمٍ متعلّق بعنوان من العناوين على سبيل الإطلاق أو العموم يفهم منها أمران:

أحدهما: ثبوت ذلك الحكم لتمام أفراد عنوان الموضوع.

والثاني: وجود ملاك الحكم في كلّ فردٍ منها.

ثمّ إن ثبت قيدٌ يرجع إلى مادّة القضيّة، فقضيّة ذلك التقييد دائرة ذلك الحكم وملاكه معاً، وإن ثبت قيدٌ يرجع إلى الطلب، فقضيّته رفع اليد عن إطلاق الطلب دون المادّة، كما إذا ورد خطابٌ دالّ على وجوب إنقاذ الغريق، ثمّ وجد الغريقان، فإنّ ذلك الخطاب وإن كان غير شاملٍ لهما بحكم العقل لقبح التكليف بما لا يطاق، إلاّ أنـّه يُحكم بإطلاق المادّة بوجود ملاك الوجوب في كليهما، ولهذا يستكشف العقل وجوباً تخييريّاً إن لم يكن أحدهما أهمّ، وخطاباً تعيينيّاً متعلّقاً بالأهمّ إن كان كذلك، وقد مضى شطر هذا الكلام في البحث عن مقدّمة الواجب فراجع.

 


[1] الدرر للحائري: ج2 / 458.