درس خارج اصول استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

95/12/14

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: البحث عن إمكان جريان الاُصول المجوّزة في أطراف

 

وأمّا روايات الحلّ: فالدليل منحصر بصحيحة عبد الله بن سنان للإشكال في سند غيرها، مضافاً إلى ما قيل من احتمال الوحدة مع الصحيحة وإن استبعدناه.

وأمّا قوله عليه‌السلام: «كلّ شيء فيه حلالٌ وحرام فهو لك حلالٌ أبداً حتّى تعرف الحرام منه بعينه فتدَعه»[1] :

قال المحقّق الخميني في «تهذيب الاُصول»: (وأمّا الصحيحة فظاهرها حِلّ ما اختلط الحلال بالحرام جميعاً، ولو رفع اليد عنه لكون مفاده غير معمول به، فلا يبقى لها مفاد بالنسبة إلى الترخيص في بعض الأطراف.

وأمّا تقريب دلالتها على الترخيص في بعض الأطراف، ببيان: أنّ لها عمومٌ أفرادي وإطلاقٌ أحوالي بالنسبة إلى حال ترك الآخر وفعله، فيقتصر في التقييد على القدر المتيقّن، فتصير النتيجة هي الترخيص في أحدهما.

فغير صحيح جدّاً؛ لأنّ هذا التقريب إنّما يجري كما سيوافيك بيانه في قوله: «كلّ شيء حلالٌ حتّى تعلم أنـّه حرام بعينه» لا في المقام، لأنّ مصاديق العموم الإفرادي في الصحيحة، إنّما هو كلّ مختلطٍ، أي كلّ فردٍ فردٍ من أفراد الاجتماع الذي فيه الحلال والحرام، وأمّا أطراف المعلوم بالإجمال، فليس في كلّ واحدٍ منها الحلال والحرام، فموضوع الحكم فيها هو كلّ مختلط، فجعل الحِلّ لها وإطلاقها الأحوالي يقتضي الحليّة في كلّ مختلط ارتكب المختلط الآخر أو لا، ومقتضى التقييد هو الإجازة في المخالفة القطعيّة في بعض المصاديق حال ترك البعض، وهو خلاف المقصود.

وأمّا بالنسبة إلى أجزاء كلّ مختلطٍ، فلا حكم مستقلاًّ، حتّى يؤخذ بإطلاقه، بل حكمٌ واحدٌ مجعولٌ لكلّ مجتمعٍ فيه الحلال والحرام، والأجزاء محكومٌ بهذا الحكم الوجداني، فلا معنى للإطلاق المتقدّم فيها) انتهى كلامه رفع مقامه[2] .

ولكن يرد على كلامه: بما قد حقّقناه قبيل ذلك، بأن يكون المراد من قوله عليه‌السلام: «كلّ شيء فيه حلال وحرام»، ليس ما هو المختلط فيه هذان العنوانان، لأنـّه ممّا لايقول به أحدٌ ممّا قد اختلط فيه ما يوجب الحليّة، وإلاّ لزم منه الإغراء على هذا العمل لتحصيل الحليّة، بأن يقوم المكلّف بخلط الحرام مع الحلال حتّى يتحقّق بذلك موضوع ذلك الحكم، وهذا ممّا لا يقبله الذوق السليم، خصوصاً مع ملاحظة ما يترتّب عليه تلك التوالي الفاسدة التي قد ذكره وذكرناه، فلا أقلّ من لزوم حمله على صورة الأعمّ من الشبهة البدويّة والشبهة المقرونة بالعلم الإجمالي غير المحصورة والمحصورة، تخرج عنه الصورة الأخيرة بواسطة الإجماع وعدم عمل الأصحاب، فيبقى الباقي تحته، أو يُقال: ببقاء صورة واحدة من صورة المحصور، وهي الإتيان بأحدهما وترك الآخر للواقع إذا لم يكن مختلطاً في شيء واحد وموضوع فارد، وهو مثل الإنائين المشتبهين بين النجس والطاهر، لا في شيء واحد، مثل أن يختلط مثلاً من الحبوبات من الحلال والحرام في إناءٍ واحد،فيحكم بحليّته كما فرضه على حسب ظاهر كلامه؛ لأنـّه لم يلتزم أحد من الفقهاء بحليّة ذلك، لأنـّه حرامٌ قطعاً، إلاّ أن يمتاز الحرام عن الحلال بأيّ طريقٍ ممكن، وإلاّ ربما لا يمكن ذلك، كما في المايعات حيث يستلزم الاختلاط حرمة الجميع في بعض الموارد .

ولكن أصل الإشكال في الشمول هو ما عرفت، من أنـّه إذا اشتمل أحدهما المعيّن أو غير المعيّن يوجب الإشكال فلا نعيد، وأمّا دعوى التخيير فهي أمرٌ لابدّ أن يبحث عنها كما سيأتي إن شاء الله تعالى .

وبالجملة: ثبت من جميع ما ذكرنا أنّ أدلّة الترخيص بعمومها لا يمكن شمولها لأطراف العلم الإجمالي، على حسب ما قرّرناه من الإشكال، أو بواسطة دعوى‌الانصراف عنها، فحينئذٍ ننقل‌الكلام إلى صورة عدم الذهاب إلى الانصراف، أو ما قلناه من جواز شمول الأدلّة للأطراف، فيقع الكلام في كيفيّة استفادة الترخيص عن الأدلّة العامّة في بعض الأطراف، وقد قيل في بيانها وجوهٌ اعتمد عليها بعض المشايخ العظام، فلا بأس بذكرها.

 


[1] وسائل الشيعة: ج12 الباب4 من أبواب ما يكتسب به، الحديث 1.
[2] تهذيب الاُصول: ج2 / 324.