95/11/30
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: الكلام في الاُصول بحسب مقام الإثبات
وما رواه منصور بن حازم، عن بكر بن حبيب، قال: سُئِل أبو عبد الله عليهالسلامعن الجُبُنّ، وأنـّه توضع فيه الأنفحة من الميتة ؟
قال : لا تصلح ، ثمّ أرسل بدرهمٍ فقال : اشترِ من رجلٍ مسلم ولا تسأله عن شيء»[1] .
فبعد استضعافه الأخبار إلاّ حديث ابن سنان، قال رحمهالله: إنّ حمل الأخبار في الجُبُنّ على التقيّة لموافقتها العامّة بملاحظة إنّهم يحكمون بالحرمة خلافاً للإماميّة حيث يحكمون بالحلّية، ممّا يوجب سقوط الخبر عن الحجّية لموافقتها لمذهب العامّة، ممنوعٌ لأنّ (التقيّة ليست في الكبرى، بل في تطبيقها على تلك الصغرى، لا بمعنى أنّ حليّة الأنفحة لأجل التقيّة، بل بمعنى أنّ الكبرى لمّا كان أمراً مسلّماً عند الإمام عليهالسلام كطهارة الأنفحة وحليّتها على خلاف العامّة القائلين بنجاستها، فبيّن الإمام عليهالسلام الحكم الواقعي في ظرفٍ خاص (صورة الشبهة) بتطبيق كبرى على موردٍ ليس من صغرياته، إلزاماً للخصم وتقيّةً منه، ونجد له في الفقه أشباهاً كما في صحيحة البزنطي حيث تمسّك الإمام على بطلان الحلف على العِتق والطلاق إذا كان مُكرَهاً بحديث الرفع، مع أنّ الحلف عليها باطلٌ من رأس، سواء كان عن إكراه أو لا، فتدبّر) انتهى كلامه[2] .
أقول: ولا يخفى أنّ كلامه مبنيٌّ على اتّحاد جميع الأخبار الثلاثة، وقد عرفت ضعفه في خصوص حديث عبد الله بن سنان، فعلى هذا إذا دار الأمر بين أن يطرح الحديث رأساً بواسطة مخالفته للإجماع، أو لعدم الاستدلال بإتيان الاحتمال كما قلنا، أو حمله على التقيّة، بكونه وارداً في مورد خصوص الجُبُنّ، وبين ما يراد منه ما لا يلزم شيئاً من ذلك، بأن يكون مورده المشتبه في الشبهة البدويّة، والغاية هو العلم التفصيلي ـ بقرينة لفظ (بعينه) ـ أو الأعمّ منه ومن الإجمالي، لو لم يلاحظ تلك القرينة، فالإنصاف أقوائيّة الأخير من دون حاجة إلى تكلّفات قد تحمّلها سيّدنا الاُستاذ قدسسره، مع وجود الإشكال في أصل إثباته، كما لا يخفى.
هذا كلّه في الطائفة الاُولى من الروايات.