درس خارج اصول استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

95/11/19

بسم الله الرحمن الرحیم

3 ـ وأمّا إذا قامت الأمارة في بعض الأطراف، فلا إشكال في جوازه أيضاً إذا كانت على وفقه، فإن كان ما قامت عليه الأمارة بمقدار المعلوم بالإجمال انحلّ العلم من أصله، كما إذا علمنا إجمالاً بوجود عشرة شياة موطوءة في قطيعٍ من الغنم، ثمّ قامت الأمارة على أنّ تلك العشرة هي المعنيّة خارجاً، فينحلّ العلم به، فيصير الباقي حلالاً بلا إشكال .

وأمّا إذا كانت ما قامت عليه الأمارة أقلّ من مقدار المعلوم، فينحلّ بذلك، ويتعلّق العلم الإجمالي بالباقي، مثل المثال المذكور إذا كان مقدار ما قامت عليه خمسة شياة .

نعم، لو ضمّت إليها أمارة اُخرى دالّة على تعيين خمسة اُخرى، فيصير كالاُولى من انحلال العلم الإجمالي من أصله.

هذا كلّه في صورة كون ما قامت عليه الأمارة موافقاً للعلم الإجمالي، وقامت على بعض الأطراف.

وأمّا لو كان مخالفاً له، وقائمة على بعض الأطراف، فيوجب خروج هذا البعض عن كونه طرفاً للعلم الإجمالي، ولم يبق موجب للاحتياط فيه أصلاً إلاّ في سائر الأطراف، ففي مثال القطيع إذا قامت الأمارة على عدم موطوئيّة غنمٍ معيّن مثلاً، لم يجب الاحتياط فيه، وانحصر الاجتناب بما سواه .

هذا كلّه تمام الكلام في مقام الإثبات والأمارات، والتفصيل بأكثر ممّا ذكرناه موكولٌ إلى محلّه، ومثله الكلام في قيام الأمارة على خلاف مقتضى العلم الإجمالي بالحكم، لكن مع الواسطة، إذ هو أمره أهون من العلم الإجمالي الأوّل، ولم نقل بالمعارضة بين الأمارتين.

***

الموضوع: الكلام في الاُصول بحسب مقام الإثبات

 

فاختيار الحقّ فيه موقوفٌ على توضيح لسان الأخبار الواردة في الاُصول سواء كانت تنزيليّة أو غيرها، إذ الأخبار الواردة حوله تكون على طوائف متعدّدة:

الطائفة الاُولى: ما يظهر منها التعرّض لخصوص أطراف العلم الإجمالي أو الأعمّ منه ومن غيره:

منها: صحيح عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه‌السلام، قال: «كلّ شيء فيه حلالٌ وحرامٌ فهو لك حلال أبداً حتّى تعرف الحرام منه بعينه فتَدَعهُ»[1] .

وهذه الرواية مشتملة على لفظ (منه) كما ترى.

ومنها: رواية اُخرى عن عبد الله بن سنان، عن عبد الله بن سليمان، قال:

«سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن الجُبنّ؟ فقال لي: لقد سألتني عن طعامٍ يُعجبني، ثمّ أعطى الغلام درهماً فقال: يا غلام ابتَع لنا جُبُنّاً، ثمّ دعا بالغداة فتغدّينا معه، فأتى بالجُبُنّ فأكل وأكلنا، فلمّا فرغنا من الغداء، قلت: ما تقولُ في الجُبُنّ؟ قال: أولَم ترَني آكلهُ؟ قلت: بلى، ولكنّي أحبّ أن أسمعه منك، فقال: سأخبرك عن الجُبُنّ وغيره: كلّ‌ماكان فيه‌حلالٌ وحرام فهو لك‌حلال حتّى_'feتعرف‌الحرام‌بعينه فتدَعه»[2] .

فهو خالٍ عن ذكر لفظ (منه) كما كان هو مذكور في الرواية الآتية.

ومنها: رواية ثالثة لمعاوية بن عمّار: «عن رجلٍ من أصحابنا، قال: كنتُ عند أبي جعفر عليه‌السلام فسأله رجلٌ عن الجُبُنّ؟

فقال أبو جعفر عليه‌السلام: إنّه لطعامٌ يُعجبني، وسأخبرك عن الجُبُنّ وغيره: كلّ شيء فيه الحلال والحرام فهو لك حلال حتّى تعرف الحرام فتدعه بعينه»[3] .

 


[1] وسائل الشيعة: ج12 الباب4 من أبواب ما يكتسب به، الحديث 1.
[2] وسائل الشيعة: ج17 الباب61 من أبواب الأطعمة المباحة، الحديث 1.
[3] وسائل الشيعة: ج17 الباب61 من أبواب الأطعمة المباحة، الحديث 7.