95/11/17
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: نظريّة المحقّق الخوئي حول جريان الاُصول في الأطراف
وثانياً: أنـّه لو كان المانع من عدم جريان الاُصول في الأطراف هو قصور الأدلّة وعدم شمولها لها، لأجل حصول الغاية في بعض الأطراف، فأيّ فرقٍ بين ما يلزم من جريانها مخالفة عمليّة، وما لا يلزم، لأنّ شمول الدليل وعدمه لا دخل له بالمخالفة العمليّة وعدمها، إذ العلم بانتقاض الحالة السابقة في بعض الأطراف لا على اليقين :
إن أوجب حصول ما أُخذ في الدليل غايةً، ففي الجميع يوجب ذلك، كانت مخالفةً عمليّة أو لم تكن.
وإن كان العلم بانتقاض الحالة السابقة في بعض الأطراف لا يوجبُ حصول ما اُخذ غاية، ففي الجميع لا يوجب ذلك .
مع أنـّه قدسسره قد صرّح في مواضع من الكتاب بجريان الاُصول العمليّة في أطراف العلم الإجمالي إذا لم يلزم منها المخالفة العمليّة، فراجع كلامه في حجّية القطع عند البحث عن المخالفة الالتزاميّة.
وثالثاً: إنّ مناقضة الصدر للذيل ـ على تقدير تسليمه ـ إنّما يختصّ ببعض أخبار الاستصحاب، الذي اشتمل على الذيل، فإنّه هو الذي يمكن أن يتوهّم منه أنّ حصول يقينٍ آخر وإن لم يتعلّق بعين ما تعلّق به اليقين السابق يوجبُ عدم شمول الصدر للأطراف، وإلاّ ناقضَ صدره ذيله، وأمّا ما لا يشتمل منها على هذا الدليل من أخبار الاستصحاب وغيرها، حتّى قوله عليهالسلام: «كل شيء لك حلال حتّى تعرف الحرام بعينه» أو «منه بعينه» ـ على اختلاف الأخبار الواردة في ذلك ـ فهو سالمٌ عن إشكال مناقضة الصدر للذيل.
أمّا ما كان من قبيل قوله صلىاللهعليهوآله : « رُفع ما لا يعلمون » ، ممّا لم يذكر فيه الغاية فواضح.
وأمّا ما كان من قبيل قوله عليهالسلام: «كلّ شيء لك حلال حتّى تعرف أنـّه حرامٌ بعينه»، وقوله عليهالسلام: «كلّ شيء طاهر حتّى تعلم أنـّه قذر»، وغير ذلك ممّا اشتمل على ذكر الغاية، فلظهوره أيضاً في وحدة متعلّق الشكّ والغاية، لظهور الضمير في ذلك. وفي الشبهات المقرونة بالعلم الإجمالي، لا يتّحد متعلّق الشكّ والغاية، فإنّ متعلّق الشكّ هو كلّ واحدٍ من الأطراف بعينه، ومتعلّق الغاية هو أحد الأطراف لا بعينه، فكلّ واحدٍ من الأطراف يندرج في الصدر بلا أن يعارضه الذيل.
إلى أن قال: وحينئذٍ لا يبقى موقعٌ لإتعاب النفس وإطالة الكلام فيما يستفاد من لفظة «بعينه» الواردة في أخبار أصالة الحِلّ، بعد فرض كون أخبار أصالة الحِلّ كسائر أدلّة الاُصول إنّما وردت لبيان الحكم الظاهري، وجعل الوظيفة للجاهل بالموضوع أو الحكم الواقعي، أو خصوص الجاهل بالموضوع، ولا تشمل الجاهل بنفس الحكم ابتداءً، على اختلاف الوجهين، فيما يستفاد من أخبارها من أنّها تختصّ بالشبهات الموضوعيّة، أو تعمّ الحكميّة أيضاً .
نعم، لو كانت الأخبار بصدد بيانالحكمالواقعي،وتقييدهبصورهالعلمبالموضوع أو الحكم، لكان للبحث عن مقدار دلالتها من حيث إنّها تقتضي التقييد بخصوص العلم التفصيلي بالموضوع أو الحكم، أو تعمّ العلم الإجمالي أيضاً مجالٌ.
إلاّ أنّ ذلك مع كونه خلاف الفرض ـ لأنّ المبحوث عنه في المقام هو جريان الاُصول العمليّة المتكلّفة للأحكام الظاهريّة ـ يأباه ظاهرُ الأخبار، فإنّ الظاهر منها أنـّها وردت لبيان وظيفة الجاهل بالحكم أو الموضوع بعد الفراغ عن إطلاق الحكمالواقعي.
ومن جميع ما ذكرنا ظهر الوجه في حرمة المخالفة القطعيّة للتكليف المعلوم بالإجمال، وعدم جواز الإذن فيها إلاّ بنسخ الحكم الواقعي أو تقييده بصورة العلم التفصيلي) انتهى كلامه رفع مقامه.