درس خارج اصول استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

95/11/16

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: البحث عن إمكان جريان البراءة في أطراف العلم الإجمالي في

 

مقام الإثبات

 

وأمّا الكلام في مرحلة الإثبات: فنعرض أوّلاً لكلمات الأعاظم، ثمّ ننقل الكلام إلى تحقيق المسألة بحسب المبنى المختار، فنقول:

قال المحقّق النائيني في فوائده بما هو ملخّصه:

(إنّ أدلّة الاُصول بقسميها من التنزيليّة وغيرها تشمل أطراف العلم الإجمالي؛ لأنّ كلّ طرفٍ من العلم الإجمالي كان مجهول الحكم فيشمله قوله عليه‌السلام: «لا تنقض اليقين بالشكّ». وقوله عليه‌السلام: «رُفع ما لا يعلمون». وقوله عليه‌السلام: «كلّ شيء لك حلال حتّى تعرف الحرام منه بعينه». وقوله عليه‌السلام: «كلّ شيء لك طاهر حتّى تعلم أنـّه قذر» وغيرها، فإنّ كلّ واحدٍ من الأطراف مشكوكٌ من جهة بقاء الحالة السابقة، أو بما لا يعلم أو لا يعرف، فتشملها أدلّتها، فإذا لم يكن في مقام الثبوت والجعل مانعٌ، فلم يكن في الإثبات مانع عن الشمول للشبهات البدويّة المقرونة بالعلم الإجمالي.

ثمّ نقل رحمه‌الله أنـّه يظهر من كلمات‌الشيخ‌التزامه بعدم‌الشمول‌للشبهات‌المحصورة، بدعوى أنّ الشمول لها موجبٌ لمناقضة صدر الرواية وذيلها في الاستصحاب؛ لأنّ لازم صدره بـ «لا تنقض» هو حرمة النقض بالشكّ، ولازم ذيله «انقضه» بيقين مثله وجوبه، وذكر ذلك في آخر مبحث الاستصحاب عند البحث عن تعارض الاستصحابين وقال ما هو لفظه:

(الثانية : أنـّه إذا لم يكن مرجّحٌ فالحقّ التساقط دون التخيير لا لما ذكره بعض المعاصرين .

إلى أن قال: بل لأنّ العلم الإجمالي هنا بانتقاض أحد الضدّين يوجبُ خروجهما عن مدلول «لا تنقض»، لأنّ قوله عليه‌السلام: «لا تنقض اليقين بالشكّ ولكن انقضه بيقين مثله» يدلّ على حرمة النقض بالشكّ، ووجوب النقض باليقين، فإذا فرض اليقين بارتفاع الحاله‌السابقة في أحد المستصحبين،فلايجوز إبقاء كلّ منهما تحت عموم حرمة انقض بالشكّ، لأنـّه مستلزمٌ لطرح الحكم بنقض اليقين بمثله.

إلى أن قال : وقد تقدّم نظير ذلك في الشبهة المحصورة ، وأمّا قوله عليه‌السلام : «كلّ شيء لك حلال حتّى تعرف أنـّه حرام » لا يشمل شيئاً من المشتبهين ) ، انتهى كلام الشيخ رحمه‌الله.

ثمّ قال النائيني رحمه‌الله: ومراده بما تقدّم هو ما ذكره في أوّل الشكّ في المكلّف به، فإنّه قد أطال الكلام في وجه عدم شمول‌قوله عليه‌السلام: «كلّ شيء لك حلال»،لموارد العلم الإجمالي، وأنّ لفظته بعينه لا دلالة لها على الشمول.

ثمّ استنتج المحقّق النائيني من كلام الشيخ رحمه‌الله أنـّه عدّه كالمانع في مقام الإثبات دون الثبوت، وإلاّ لما ذكر تفصيلٌ في لفظة بعينه.

نعم، ذكر في باب القطع في البحث عن حرمة المخالفة الالتزاميّة لموارد العلم الإجمالي، أنّ المانع من جريان الاُصول في الأطراف،هو لزوم المخالفة العمليّة، بل يظهر ذلك منه في مواضع اُخر، فيفهم أنـّه جعل المانع في مقام الثبوت.

ثمّ دخل في مناقشته بقوله: إن أراد إرجاع المانع إلى الثبوت فكلامه جيّد، كما قلنا، وإن رَجَع كلامه إلى الإثبات، وأنّ أدلّة الاُصول لا تشمل الأطراف فيتوجّه عليه اعتراضات:

أوّلاً: بما عرفت من أنّ الاُصول تجري في الأطراف، لوجود الجهل في كلّ واحدٍ، ولم يحصل ما أُخذ غايةً في الأدلّة للتعبّد بمؤدّى الاُصول، وهو العلم بالخلاف في كلّ واحدٍ من الأطراف، ومجرّد العلم بالخلاف، وانتقاض الحالة السابقة في بعض الأطراف على سبيل الإجمال، لا يوجبُ خروج كلّ واحدٍ من الأطراف عن كونه مجهول الحكم، وإلاّ انقلب العلم الإجمالي إلى العلم التفصيلي.

نعم، يصحّ هذا في خصوص أصالة الإباحة في دوران الأمر بين المحذورين؛ لأنّ مضمون الأصل فيه مضادٌّ للعلم الإجمالي بخلاف سائر الاُصول، حيث لا مضادّة بينه وبين العلم الإجمالي، بلا فرقٍ بين كونها من التنزيليّة وغيرها، فلا يلزم من الشمول مناقضة صدر الدليل وذيله.