95/11/11
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: نظريّة المحقّق الخوئي حول جريان الاُصول في الأطراف
ودعوى: الفرق بين المتلازمين وبين المقام، بأنّ المنع إنّما يكون فيما إذا كان الاستصحابان متّحدين في المؤدّى ومتوافقين على نفي ما عُلم تفصيلاً ثبوته، أو على ثبوت ما عُلم تفصيلاً نفيه ـ كما في استصحاب طهارة الإنائين، أو نجاستهما، مع العلم بنجاسة أحدهما أو طهارته ـ حيث يُعلم حينئذٍ تفصيلاً بكذب ما يؤدّيان إليه، كما في المقام، هذا بخلاف ما إذا لم يكونا كذلك، بأن كان مؤدّاهما متخالفين كما في المثالين، فلا مانع من جريانهما، إذ لا يلزم من التعبّد بهما العلم التفصيلي بكذب ما يؤدّيان إليه، وإنّما يتحقّق العلم بعدم مطابقة أحدهما للواقع، ولا ضير في هذا المقدار بعد عدم توافقهما، بخلاف ما يُعلم تفصيلاً ثبوته أو نفيه، وهذا هو الذي تصدّى رحمهالله بدفعه في آخر مبحث الاستصحاب.
مدفوعة: بأنّ مجرّد مخالفة المؤدّى لا يوجب رفع التضادّ بين التعبّد بالبقاء في كلّ من الطرفين مع العلم بعدم البقاء تفصيلاً في أحدهما، فلابدّ أن يقال بأنّ الملاك في الجريان وعدمه ليس ما ذكره من موافقة مؤدّاهما أو مخالفتهما؛ لأنّ جريان الأصل في كلّ واحدٍ بنفسه ليس مصادماً للعلم الإجمالي الوجداني، وكذا جريانه في الطرف الآخر.
نعم، جريانه في كليهما مخالفٌ للعلم الإجمالي، فيعلم مخالفة أحدهما للواقع، وهذا المعنى بعينه موجودٌ في المتلازمين فكما لا مانع فيه، كذلك لا مانع منه في المقام.
مع أنّ لازم كلامه من جعل المناط في الجريان عدم الموافقة، هو جريان الأصل فيما لا يكون متوافقي المضمون، كما إذا علم بوجوب صلاة الجمعة وحرمة شرب التتن سابقاً، وعلم بانتقاض أحدهما، فلابدّ حينئذٍ من الحكم بوجوب صلاة الجمعة وحرمة شرب التتن عملاً بالاستصحاب، مع أنـّه يعلم بنفي أحدهما، مع أنـّه بعيدٌ أن يلتزم به، لأجل كون مؤدّاهما متخالفين، فتأمّل.
أقول: والذي ينبغي أن يُقال في المقام هو أنـّه ثبت من خلال البحوث الآنفة والسابقة أنّ البحث في المقام يقع في مرحلتين:
إحداهما: في مقام الثبوت، بأنـّه هل يجوز الترخيص من ناحية الشارع في أطراف العلم الإجمالي في المحصورة، أم لا ؟
وثانيهما: في مرحلة الإثبات، أي بعد الفراغ عن إمكانه في مقام الثبوت، ينبغي الفحص عن أنـّه هل وقع وصدر الترخيص أم لا ؟